جـ – وضع ومركز أكراد العراق
أ.د عمر عثمان العمودي
للأكراد في العراق وفي الدول المجاورة للعراق مثل تركيا وإيران وسوريا انتماء تاريخي قديم وهم من نسيج ومقومات هذه البلدان الاجتماعي والسياسي منذ مئات السنين وقد تطلعوا بعد الحرب العالمية الأولى ومع شيوع فكرة ومبدأ حق تقرير المصير القومي في منطقة الشرق في اتجاه تكوين دولة قومية لهم في المناطق التي يشكلون فيها الأغلبية لحفظ هويتهم ولغتهم وثقافتهم القومية وكانوا قبل ذلك يعتبرون الإسلام عقيدة وشريعة هو جوهر وجودهم وحياتهم ولهم أدوار كريمة في تاريخ الإسلام وأمة الإسلام ومنهم برز في القرن الثاني عشر الميلادي البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي موحد بلاد المشرق العربي وقاهر الصليبيين وهو مؤسس حكم سلاطين الأيوبيين الذين حكموا مصر وبلاد الشام ودافعوا عن الإسلام عقودا طويلة.
غير أن هدفهم القومي المستجد في حياتهم السياسية لم يتحقق لأن عناصرهم الكردية تقسمت بين الدول المذكورة والتي سعت جميعها إلى الحفاظ على وجودها السياسي ونبذ فكرة المساس بسيادتها وحدودها السياسية وبذل أكراد العراق العديد من المحاولات والتمردات على الحكم في العراق ولكن الدولة العراقية تمكنت من إفشال كل محاولاتهم وتمرداتهم ولم يحصلوا إلا على حق الحكم المحلي ضمن سيادة العراق وتحقق لهم هذا في عهد الثورة العراقية وحكم صدام حسين.
وفي عام 1991م وبعد انكسارة الغزو العراقي للكويت تطور وضعهم المحلي بفعل إملاءات أميركا وحلفائها على الحكم العراقي إذ فرضوا بعض الخطوط الحمراء ومنها عدم اجتياح مناطقهم عسكريا برا وجوا ووفر لهم السلام والأمن والاستقرار في مناطقهم إلى عام2003م.
وبعد سقوط حكم صدام حسين ونظامه عام2003م كان أكراد العراق هم أكثر المستفيدين من الغزو الأمريكي ومن دستور العراق الاتحادي الجديد وبموجب نظام المحاصصة والتوازنات الطائفية حصلوا على عدة حقوق سياسية ودستورية في الدولة الاتحادية وعلى مستوى إقليم كردستان العراق فأصبح منصب رئيس الدولة الاتحادية من نصيبهم وحقائب أخرى وزارية مهمة مثل وزارة الخارجية ولهم أيضا نائب لرئيس مجلس النواب وآخر لرئيس مجلس الوزراء وهم يحكمون قبضتهم على إقليم كردستان العراق الأرض والموارد والسكان ويسعون إلى ضم أجزاء أخرى في محافظة كركوك وحقولها النفطية مع الاشتراك والمشاركة في ثروات العراق الأخرى.
هل يستقل إقليم كردستان العراق عن العراق¿
إن ما حصل عليه أكراد العراق من مكاسب وامتيازات في وضع العراق الجديد يفوق ما كان قادتهم يحلمون به في السابق ومع ذلك نسمع مسعود البرزاني زعيم الحزب الوطني الكردستاني في العراق أنه قد يدعو برلمان الإقليم إلى إصدار تشريع يسمح بإجراء تصويت على استقلال الإقليم إذا استمر التمزق وحالة عدم الاستقرار في العراقوالبرزاني هو الحاكم الفعلي للإقليم ولكنه لا يمثل الرأي العام الأقوى فيه فهناك الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني وهو رئيس العراق الرسمي إلى هذا الشهر يوليو 2014م وقد آل أمر الرئاسة إلى مرشحه وخليفته محمد فؤاد معصوم وهو لا يؤيد تمزيق العراق وهناك أيضا أحزاب أخرى تناهض الانفصال ولكن ماذا يمكن أن يحدث إذا استقل الإقليم عن دولة العراق¿ والجواب الموضوعي على ذلك هو أن العراق سيتم تقسيمه حتما بين الأكراد والشيعة والسنة والمشكلة هي كيفية وأسس التقسيم وعلى أيأأأأأأيأي أساس من حيث الجغرافيا السياسية والموارد والثروات الزراعية والمائية والمعادن وحقول النفط والغاز ومواردها.
كذلك فإن استقلال إقليم كردستان العراق لن يكون مقبولا لدى إيران وتركيا وسوريا لخطر القادم على وجود وسيادة هذه الدول وأكثر دولة تباركه علنا ورسميا هي دولة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتل بأمل توطيد علاقتها معه لخدمة أهدافها وسياساتها العدوانية على كل هذه البلدان ونسمع عن معارضة أمريكية لهذا التوجه وعلنا ولكن السبب المحوري لهذه المعارضة هو مداراة تركيا, العضو المهم في حلف الناتو ولأميركا وأوروبا وعندنا أنها لا تعارض فكرة الاستقلال والانفصال عن العراق على المستوى الضمني وقد ينكشف هذا الأمر مستقبلا.