هذا الفرح لا نريده

واثق شاذلي

مقال


 - من ذا الذي لا يفرح لفرح المجتمع والأسر والأفراد ولكن بشرط أن لا ينقلب هذا الفرح إلى تعاسة وحزن بل وجريمة في أحيان كثيرة.
أقول هذا بعد أن فاض بنا
من ذا الذي لا يفرح لفرح المجتمع والأسر والأفراد ولكن بشرط أن لا ينقلب هذا الفرح إلى تعاسة وحزن بل وجريمة في أحيان كثيرة.
أقول هذا بعد أن فاض بنا الكيل من تحمل أوجاع تلك الأفراح وأقصد هنا بالذات أفراح الأعراس التي تقام وسط مساكن المواطنين , وتعمد أصحاب (الفرح) العرس إزعاج الناس وإقلاق راحتهم وتدمير هدوئهم بل وصحتهم وحياتهم دون سبب أو ذنب ارتكبوه إلا حب أصحاب العرس إظهار ما يعتقدونه عزتهم وجاههم ونفوذهم وعلو كعبهم وارتفاع درجة وضعهم الاجتماعي وشموخهم فوق عباد الله المواطنين الطيبين وبذخهم في صرف الأموال التي لم يتعبوا في الحصول عليها .
الرصاص المتطاير عشوائيا في أجواء الفرح والمناطق القريبة منه والمرتدة من السماء حيث أزهقت ذات مرة وفي فرح (واحد) سبعة أنفس في مدينة صغيرة من مدن بلدنا الصامد هذا … أمر الرصاص هذا لم يعد يهم ولا يتحدث عنه احد بعد أن أصبح احد المقررات وبدأنا في الدخول في المناهج الجديدة … المفرقعات عالية ومرتفعة الصوت .
أنواع هذه المفرقعات عديدة منها , المضيئة , الصوتية , الدخانية والمشتعلة ونحن في اليمن نستعملها جميعها إضافة إلى قذائف ودانات القنابل والمدافع الصغيرة والمتوسطة ولم لا فالمهم أن يكون صوت الفرح اكبر من أصوات أفراح الآخرين وإذا أمكن لهم استعمال القاذفات والمدافع الارتدادية لما تأخروا خاصة وهم يعرفون انه لا يوجد من يريد أو يستطيع منعهم من ذلك وصدق من قال أن الذين استحوا ماتوا , ولكن إذا كان أصحاب العرس من هذا النوع الذي لا يستحي فهم ليسوا وحدهم فهناك الشرطة والأمن الذين ينظرون إليهم يفعلون ما يريدون دون أن يقولوا لهم هذا عيب هذا لا يجوز هذا خارج عن القانون , بل لقد شاهدت بعضا من رجال الأمن يقفون أمام مراكز عملهم وسيارات العرس تمر بهم وهي تطلق قذائفها وبعضها مسلح بالآليات فيبتسمون لهم ويرفعون لهم أيديهم بالتحية .
أصحاب العرس هؤلاء لم يعد لديهم أدنى إحساس أو تقدير لسكان المنازل التي يهزون أركانها بأصوات مفرقعاتهم المخيفة … لن أتحدث عن احترامهم الواجب للناس فأصحاب أمثال هذا العرس ينظرون إليهم من علياء سماء النسور إلى ديدان الكهوف , لكني استغرب انعدام حتى الرحمة والشفقة لديهم واستهتارهم بالآخرين خاصة الأطفال والمرضى والعجائز وكبار السن وما تسببه مفرقعاتهم هذه لهم من أضرار جسدية ونفسية ومادية وبيئية واجتماعية.
مهما بلغت معلوماتنا عن هذه الأضرار فلن تكون كمثل ما نسمعه من أفواه المختصين .
الدكتورة عبير عمراوي من مدينة التواهي م/عدن اختصاصية أطفال استقبلت عيادتها العديد من هؤلاء المتضررين .. تقول الدكتورة عبير أن الأمراض الجسدية لهذه الأفراح المهلكة كثيرة, فبعيدا عن الرصاص الطائش الذي يقتل غالبا أو يسبب الإعاقة فإن هذه المفرقعات تصيب كثيرا من الصغار بجروح خطيرة خاصة في الوجه والأطراف بل ومناطق حساسة من أجسامهم وأن بعضهم قد فقد كليا إحدى حواسه الخمس وقالت أن الرعب الذي يصيب الطفل من هذه الانفجارات قد يسبب له مرض التهاب الكبد الفيروسي (الصفار) وأشارت إلى أن طبلات الأذن تصاب بالضرر من أصوات تلك المفرقعات العنيفة وأن الخوف والفزع عند سماعها قد يؤدي إلى خلل في عمل المخ قد يستمر لبعض الوقت لكنها ألمحت في نهاية حديثها إلى أن الطب النفسي الآن لديه الكثير حول هذا الأمر .
وكنت قد اتصلت قبل ذلك بالدكتور الكبير / زكي مبارك استشاري الأمراض النفسية والعصبية والمعروف داخل عدن وفي أرجاء اليمن وعلى المستوى الخارجي بمشاركاته المتواصلة في كثير من مؤتمرات الطب النفسي العربية والدولية, ولا أخفيكم سرا بأن ما سمعته منه قد أذهلني بل وأرعبني.
يقول الدكتور زكي أن مسالة السلاح واستعماله الخاطئ وهذه المفرقعات الجهنمية قد امكن التعرف على كثير من أخطارها ومنها “إصابة الأطفال دون الثانية عشرة بالخوف والرعب الشديد والتبول الليلي والأحلام المخيفة والأرق, وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فالطفل يتحول إلى عنصر عنيد وعدواني ويضعف تركيزه ويتخلف في دراسته ويزداد توتره وضربات قلبه عند سماعه لأصوات عالية ويكثر تعرقه وخاصة في اليدين والقدمين وتظهر عليه أعراض مرضية غامضة”.
المراهقون بين 12و20 سنة تسبب هذه الانفجارات العرائسية لهم الضيق والانطواء والخوف والشعور بالعجز وتدفعهم إلى السلوك العدواني وتفقدهم التركيز في دراستهم وتهبط بمستواهم الدراسي بل وتفقدهم أيضا احترامهم لمشاعر الآخرين وسلوكهم غير الاجتماعي وتحولهم إلى ( البلطجة).
ويظهر الدكتور زكي حسرته على هؤلاء الشباب الذين يصيبهم هذا الرهاب النفسي بأمراض جسدية مثل العرق وسرعة دقات ا

قد يعجبك ايضا