التشبث بكرسي المنصب

أحمد عبدربه

 - هذه الصفة غير المحبوبة وغير اللائقة تصيب بعضا من المسؤولين على كل المستويات سواء كانت منتخبة أو معينة أو حتى كانت بالمصادفة حسب اقدميتها في الوظيفة... مساكين هؤلاء المشتاقون للمناصب
هذه الصفة غير المحبوبة وغير اللائقة تصيب بعضا من المسؤولين على كل المستويات سواء كانت منتخبة أو معينة أو حتى كانت بالمصادفة حسب اقدميتها في الوظيفة… مساكين هؤلاء المشتاقون للمناصب أيا كانت هذه المواقع يغازلون الكراسي بجنون يصل إلى حد الهوس اتقنوا فن الانتظار الطويل في البداية عذبهم الملل ثم تكيفوا معه تتفتح مساماتهم أكثر كلما جاءت سيرة أي تغيير في المنصب يعني في اذهانهم الأهمية والجاه وتذوق متعة النفاق المتقن الصنع! ينامون فيرون أنفسهم في الأحلام وقد جلسوا على الكراسي ودلدلوا ارجلهم وشخصوا ونظروا فاذا ما افاقوا من النوم وجاءوا اللحاف قد تزحزح عن مكانه وفي أحلام يقظتهم يتمنون لو أن فضيحة ما أطاحت بالجالس فوق الكرسي.. كما وتجد أيضا أن يوم انتهاء الخدمة وترك الكرسي (المعقد) حزن عميق وأسى وربما في بعض الأحيان تشبث غير قانوني وغير دستوري بالكرسي اللعين وهنا نجد أيضا بأن المتشبث بالكرسي يجمع حوله الأماني العظيمة والدعاء إلى الله بأن يصدر قرار باستبعاده أو بانتهاء مدته القانونية أو ربما يصل التطرف بالبعض بالدعاء عليه والسؤال هنا لماذا¿ لماذا التمسك بالكرسي إذا كان أساسا هو في خدمة الناس لماذا السعي والموت من أجل البقاء في منصب زائل بحكم الزمن وبحكم التاريخ وبحكم سنة الحياة¿!
إن مظاهر التشبث بالكرسي رأيناها في الكثير من المؤسسات بمختلف أنواعها وحينما غادروا الكراسي بعد زمن طويل طويل جدا وبعد مهاترات كلامية ومشادات ومناكفات حينها للالتفاف حولها.. وجدنا من المصائب والكوارث مالم يتحمل سماعه أو حتى رصده وجمعه وطرحه من السيرة الذاتية للراحلين عن الكراسي.. رأينا ذلك في أكثر من مؤسسة وفي الأحزاب السياسية ماذا يحدث هناك لا أذكر حزبا عريق هنا ولكني أقول إن رئاسة حزب أو زعامة مجموعة تخضع لأعراف كثيرة منها بأن الخيبة حينما تصيب الجماعة وجب تخلي القيادة عنها واتاحة الفرصة أمام جيل آخر من الجماعة أو الحزب ليقود ويطور ويبدع فالموهبة لها حدود في العطاء بانتمائها تصبح الشخصية مجمدة ومسترجعة لتاريخ لا فائدة منه يصبح المسؤول محتارا ولا أمل يمثله ولا مستقبل يسعى إليه إن هذه العادة وإن اتصفت بالعمومية بين البشر الا أننا في بلادنا اليمن وعالمنا العربي تميزنا بها وانفردنا مثل الخلاف على من يخلف الخلفاء الراشدين في الدولة الإسلامية ولعل أشهر المذابح والخيانات تملأ كتبا في عادة التشبث بالكرسي وهناك أمثلة كثيرة بهذا الشأن لا نريد ذكرها لأن ما خفي كان أعظم!
لاشك بأن رقي المجتمع وتطوره وتطوير الأداء الديمقراطي وحرية التعبير ورفع الحظر عن الفكر الحر المؤدب والمستنير كل هذه العوامل هي طريق جيد لإبعاد صفة من أسوأ الصفات لدى مسؤولينا وهي صفة التشبث بالكرسي هل تستحق مقاعد السلطة وكراسي الحكم.. ان يضطر الجالسون عليها إلى تنكيس الرؤوس وابتلاع الاهانات واحتمال التجريح من أجل الاحتفاظ بهذه الكراسي وعدم التفريط فيها¿!
في المجتمعات الديمقراطية لا يتردد الجالسون على مقاعد السلطة وكرسي الحكم عن تقديم استقالاتهم من مناصبهم وترك السياسات المطبقة إن هم أخطأوا بل أنهم لا يترددون عن تقديم استقالاتهم إن وقع خطأ من العاملين تحت قيادتهم رغم عدم مسؤوليتهم المباشرة عن هذا الخطأ طبعا هذا التقليد السائد في المجتمعات الديمقراطية لا وجود له في مجتمعاتنا حيث يتشبث المسؤول بكرسيه ويتمسك بمقعده ولا يتخلى عن موقعه حتى ولو أخطأ وإذا وقع خطأ في دائرة اختصاصه ومحيط عمله فإنه يتنصل من المسؤولية ويحمل الأخطاء على مرؤسيه ويضحي بهم في سبيل البقاء في موقعه متجاهلا الانتقادات اللاذعة التي توجه إليه والأصوات التي تطالبه بالاستقالة ان ما يحزنني هو ذلك السؤال لماذا لا يتردد المسؤولون في المجتمعات الديمقراطية عن الاستقالة والتضحية بمقاعدهم بينما يتمسك المسؤولون عندنا بها ولا يفرطون فيها مهما كانت الأسباب الجواب ببساطة أن المسؤول عندنا إذا تخلى عن كرسيه أو تخلى الكرسي عنه فقد كل شيء فقد السلطة وفقد النفوذ والهيلمان والوقوف في طوابير الاستقبال في المطار وربما أصبح بلا مستقبل بينما في المجتمعات الديمقراطية يستقيل الوزير من الحكومة ولا ينقطع عن ممارسة نشاطه السياسي وكم من وزراء اختلفوا مع رؤسائهم واستقالوا ثم عادوا من خلال صناديق وإرادة الجماهير وفي كل الأحوال فإن الاستقالة تنتهي بصاحبها إلى الدخول في دائرة الظل والويل لمن يدخلون دائرة الظل في بلادنا ينصرف عنهم المنافقون والانتهازيون وحملة المباخر ويدير الناس لهم الظهور ويتجاهلون وجودهم لذلك يجب ألا ندهش عندما يتمسك المسؤول بأظافره وأسنانه بالكراسي الذي يجلس عليه وه

قد يعجبك ايضا