الواقع الثقافي عند طلائع العمل الثوري من (1948م-1955م) في سجون ومعتقلات الإمامة في حجة 2-2

عبد الرحمن مراد


تحول سجن حجة إلى مدرسة شعر تبارت فيه القرائح والنزعات الأدبية حتى أدت إلى اختلاف الرأي في السياسة

تحت سماء سبتمبر من كل عام تكون الثورة حاضرة في الذهن والذاكرة وحضور الثورة يستدعي بالضرورة المكان كمسرح احتضن الحدث أو كان له حضوره الفاعل في صنعه.
وحجة المكان ترتبط بهذا الحدث التغييري ارتباطا وثيقا وأكثر ما يميز هذا المكان أنه وقف على طرفي نقيض.. هذان الطرفان يتجاذبان الحدث.. طرف يحاول الركض مع ريح العصر وايقاع التغيير, وطرف آخر يحاول الحفاظ على ما هو كائن وذلك التناقض الضدي قد يكون فطرة متأصلة في ذهنية الإنسان العربي الذي يؤمن بالسائد ويرفض الانزياح أو الخروج عن المألوف.
* البعد الثقافي الكائن عند طلائع العمل الثوري في سجون حجة: لم يكن الرصد الآنف ذكره للنتاج الثقافي والأدبي من فراغ ولكنه كان عن نشاط غير عادي لكل طلائع العمل الثوري في سبيل خلق وعي اجتماعي وسياسي للقضية الوطنية لذلك تحول سجن قاهرة حجة إلى منارة عليه وثقافية وأدبية يقول الشامي:
* كونا مجموعة فريدة فيهم العالم والمؤرخ والفقيه والشاعر والضباط والمقرئ والفنان والمهرج والظريف إلى أن تحول السجن إلى مدرسة واشتغلت تلميذا ومدرسا في وقت معا فأمليت مع القاضي الشماحي الروض النضير شرح مجموع الإمام زيد بن علي عليه السلام على العلامة حسن الحوثي وقرأنا تفسير الإمام المنار علي القاضي عبدالرحمن الإرياني وأملينا عشرات الكتب كالهدي النبوي لابن القيم وسيرة بن هشام وبعض الأمهات وجزء من الكشاف وأملين مغنى .. لابن هشام علي القاضي العلامة محمد الأكوع وقرأت مع السيد محمد الغفاري نظام الغريب للإمام الرابعي نقابله على النسخة الأصلية ملك السيد حسن الحوثي ثم ضبطته وحققته وترجمت لبعض رجاله وكنت أدرس النحو الواضح والبلاغة الواضحة وتاريخ الأديب العربي للزيات.. المجموعة من الزملاء والتلاميذ إلى أن يقول: “وقرأنا بعض كتب التاريخ اليمني لعمارة والعمداني والدبيع والخرزجي وزبارة والجرافي وضجت القاهرة بالنقاش والجدل والحوار ولما وصلت إلينا كتب الأستاذ خالد محمد خالد من هنا نبدأ ومواطنون لا رعايا اشتد الجدل بين المختلفين رأيا ولقافة في حوار أدبي رائع”.
* نلحظ فمن كلام الشامي اختلاط المؤثر الثقافي على أدباء ومثقفي الحركة الوطنية الذين يقبعون في سجون النظام المتوكلي في نهاية عقد الأربعينيات وبداية الخمسينيات يقول البرودوني: “إن زمن الثورة امتداد طبيعي لعهد النهضة معاما حدث من تعرج وقتي لأن الامتداد الإصلاح كاجهاض للثورة قز زخى عهد النهضة في بلادنا لشعراء تفاوتوا في مقادير القوة والضعف إلا أنهم كلهم من صنع بيئة واحدة ساعدت على نموها وإخراجها مجلة الحكمة أولا والبريد الأدبي ثانيا ومدرسة حجة ثالثا ومجالس القات رابعا والبيئة السريعة العدوى فهي تحمل الأصيل على أن يبوح بأصالته وترغم قليل الأصالحة على أن يشارك وهذا ما حدث فقد كان كل حامل عمامة تقريبا يمارس الشعر أو يتكلف ممارسته مجاراة للبيئة والسؤال الذي يطرأ في إطار السياق يقول: متى بدأ عهد النهضة في اليمن¿
يقول البردوني بدأ عهد النهضة في بلادنا بنهاية إعلام النهضة في مصر والعراق ومصر كما نعلم أم النهضة المعاصرة لاستقلالها النسبي عن الحكم العثماني حتى لجأ إليها أدباء سوريا و.. ونقلوا معهم روائح الأدب .. إلى أن يقول: وقد كان لشوقي والمنفلوطي ومحمد عبده أثر كبير في أدب بلادنا آخر العشرينات هذ من جهة ومن جهة ثانية كان للكواكبي وجرجي زيدان أثر سياسي وأدبي فيمكن أن يكون كتاب طبائع الاستبداد للكواكبي أول ضوء كشف عيوب استبداد الإمام يحيى كما كان كتاب الانقلاب العثماني لجرجي زيدان أول إثارة فكرية تعليمية.
في عهد النهضة لم يكن الفاصل قائما بين السياسة والأدب لأن الأدباء هم زعماء السياسة لهذا كان الأدب نضالا كما كانت السياسة نضالا وأول رعيل من أدباء السياسة أحمد عبدالوهاب أحمد المطاع عبدالله العزب عبدالرحمن الإرياني وعلي يحيى الإرياني ومحمد محمود الزبيري وزيد الموشكي وهؤلاء أدباء وساسة ورجال فقه ومعاصرون قدماء.
السمات الفنية
القارئ للنتاج الأدبي اليمني في النصف الأول من القرن العشرين يلمس دون عناء غلبة أسلوب عصر الاجترار على مجمل النتاج الأدبي وربما حاول البعض تقليد بعض الرموز الإبداعية من العصر العباسي في غير أصالة ثم كان لشوقي بعض التأثير وليس كله وبعد اتصال اليمن بالخارج في النصف الثاني لعقد الثلاثينيات وتلاه عقد الأربعينيات إذ توالت البعثات الثقافية إلى الخارج في هذا العقد رأينا تأثرا ملحوظا بالتيار الرومانسي لكنه كان تأثرا مضطربا لعدم القدرة على استيعاب الأبعاد الفنية لهذا التيار لانعدام وسائل المعرفة حينها وأقرب مثال على ذلك أحمد محمد الشامي يقول البرودوني: أما في سجن حجة فقد جدت عليه ثقافة غربية على فهمه إلى حد ما وقريبة إلى ط

قد يعجبك ايضا