مرحى يا عراق

أ.د عمر عثمان العمودي

 - العراق في عهد الدولة العباسية:
تحولت العراق إلى مركز الثقل الأول للدولة الإسلامية طيلة الحكم والعهد العباسي الذي استمر حوالي (525) سنة حتى نهاية وجوده السياسي على يد المغول والتتار

العراق في عهد الدولة العباسية:
تحولت العراق إلى مركز الثقل الأول للدولة الإسلامية طيلة الحكم والعهد العباسي الذي استمر حوالي (525) سنة حتى نهاية وجوده السياسي على يد المغول والتتار عام 1258م وكانت بغداد الرشيد التي عرفت بدار السلام أيضا أهم مدينة وأهم عاصمة على مستوى العالم كله وفقا لما توفر لها وبما حظيت به من تميز لم يتوفر لغيرها من مدن العالم من حضارة وثقافة ومدنية ورقي وتقدم على مختلف الأصعدة وقد تعرضت للتخريب والدمار الجذري بعد وصول جحافل قوات المغول والتتار البدوية والهمجية إليها وبعد أن أتت تلك القوات والجيوش الوحشية قبل بغداد على كل حواضر الأمة الإسلامية في شرق العراق مثل بخارى وسمرقند ونيسابور وكادت جيوشهم بعد وصولها إلى دمشق أن تنقل الخراب والدمار إلى قاهرة المعز لولا تصدي الجيوش المصرية لها وإلحاق الهزيمة الساحقة بها في معركة عين جالوت بفلسطين عام 1261م.
ولعبت العراق دورا مهيبا ومجيدا في الدفاع عن بلاد وديار المسلمين في عهود خلفائها العباسيين الأقوياء مثل أبي جعفر المنصور المؤسس الحقيقي والفعلي لهذه الدولة وفي عهد حفيده هارون الرشيد الذي دوخ الدولة الرومانية البيزنطية وهزم جيوشها مرات عديدة وفي عهد ابنه المأمون الذي وصلت الدولة في عهده قمة قوتها وتقدمها الحضاري والثقافي والعلمي والفكري ثم المعتصم بن هارون الرشيد الذي أنزل هزيمة عسكرية كبرى في معركة وفتح عمورية وقد جاءت تلك المعركة استجابة لتعديات الرومان على المسلمين وقيل في مناسبة قيامها أن امرأة مسلمة تعرضت للإهانة والهوان من الرومان في مدينة عمورية واستنجدت به بعد الله قائلة (وامعتصماه) وعندما علم بأمرها رد قائلا :لبيك يا أمة الله وقد سجل الشاعر العباسي الكبير أبو تمام تلك الواقعة والمعركة في قصيدة رائعة له مطلعها:
السيف أصدق إنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
وقد قيل إن المعتصم استشار بعض الفلكيين ونصحوه بعدم القيام بالغزو ولكنه عزم على الغزو واستعد له وتوكل على الله فكان النصر الكبير وكذب المنجمون ولو صدقوا والنصر بيد الله ومن عند الله وحده.
وظلت الخلافة العباسية قوية ومهابة ومنيعة إلى منتصف القرن الثالث الهجري ثم دخلت في عهود وعهود من الضعف والتآكل نجم وظهر على إثرها وعلى أساسها عدد من الإمارات والسلطنات المستقلة عملا بذاتها وبعضها نجح في السيطرة على خلفاء بني العباس كما سيأتي.

قد يعجبك ايضا