في ظلال الهزائم!!
خالد القارني
في غير مرة قرانا ان مبدأ عظيما ساد في حقبة زمنية قصيرة مفاده ” يموت الفرد لتحيا الأمة ” وفي غفلة من الزمن تمكن أصحاب الطموح غير المشروع أو نسميهم “حمران العيون” من قلب ذاك المبدأ بصورة عكسية ليصبح على هذا النحو” تموت الأمة ليحيا الفرد”.
في تاك الزمان شكل الفرد جسر عبور للأمة استطاعت على ظهره المنحني أن تعبر من حياة الظلمات إلى حياة النور وبناء حضارتها الإنسانية العظيمة التي غيرت وجه العالم البشري كليا. وفي زماننا تحولت الأمة إلى جسر عبور للفرد تجوع ليشبع عظيمها تشقى ليرتاح وينعم سيدها تسهر لينام كبيرها تموت ليحيا اميرها فخرجنا من النور الى الظلمات.
ومن العجيب والغريب أن ما يقبله العقل الجمعي للناس هو المقلوب” تموت الأمة ليحيا الفرد” لو انك حاولت ان ترشدها إلى المبدأ الصحيح” يموت الفرد لتحيا الأمة” لقابلك بازدراء من كلامك وربما يصل به الأمر إلى ردة فعل عنيفة ضدك.
والسؤال كيف استطاعوا قلب هذا المبدأ وغرسه في الذاكرة الجمعية للأمة¿!!!.. اعتقد ان هذا وغيره من المبادئ العظيمة التي مسخت في ذهنية الناس ولدت في لحظة زمنية فارقة في حياة عرب ما قبل الإسلام التي عرفت بصراعاتها العنيفة والمعقدة لدرجة الاستعانة ب”العلوج” فهذا يستعين بالرومي” الغربي” وذاك يستعين بالشرقي” الفارسي” هذه العادة مع ظهور الدولة الجديدة في “المدنية” توقفت لفترة وجيزة وبمجرد ان دب الخلاف بين أركان الدولة استدعيت هذه العادة من جديد وفي ظلالها اشرقة شمس الحروب على أمتنا ولم تغب عنها حتى اللحظة هذه الحروب كان نتاجها فيروس خطير أصاب مخيلتنا بمرض الشعور ب”الهزائم” وكما هو معروف الحروب الأهلية كلها هزائم ليس فيها منتصر ومن هنا جاء المثل العربي “لا تموت العرب إلا متوافية” ومثله ” القضاء مثل السلف”.
عندما حلت الحروب مكان السلام والجبر (فرض الأمر الواقع) مكان الحوار والتشاور أدخلت الهزائم ( الحروب الأهلية المستمرة) شعوبنا في نفق الاذلال والانكسار والجهل المستطير واكتسبنا مناعة ضد فهم ومعرفة من نحن¿¿!! والى أين نحن ذاهبون¿!! وأصبحنا نقاد كما تقاد النعاج الى وردها.. نردد “لا حول لنا ولا قوة” نرفع شعار” من تزوج أمنا كان عمنا” نستورد مقولة أمم أعجمية استعبدت الإنسان ونقلدها ونقول:” الناس على دين ملوكهم” دون أن نفهم مقصدها. إننا نغرق منذ مئات السنين في بحار الهزائم لم نجد من ينقذنا منها ومن عذاباتها التي لم تترك نقطة في الجسد إلا أفسدته.. رغم أن التاريخ مليء بالأسماء والجماعات التي كانت تتستر وراء شعارات “انقاذ الأمة” من الظلم والجور والاستعباد وكلها كانت تنقض عهودها “كالذي نقضت غزلها” بمجرد أن تصل إلى الحكم لتبدئي بدورها صناعة “الهزيمة” لشعبها وتوظيفها لإخضاعه لسلطتها الجديدة وهكذا تم قلب المبدأ السالف الذكر.
نسبح في كل الاتجاهات تلطمنا الأمواج من كل جانب نرتفع عاليا ثم نهوي الى مكان سحيق. اليوم نبحث عن منقذ وكلنا نعرف ان حبل النجاة بأيدينا فقط انه حبل الوعي والإدراك لنميز بين الخبيث والطيب ولا يتحقق ذلك الا عندما تصدق النوايا ونتجرد من كل النزعات الضيقة التي شردتنا في اتجاهات مجهولة المصير بقوة الاستقطابات الحادة والمخيفة التي لم تمنح الناس فرصة ليتساءلوا بينهم أو يسألوا الداعين لهم ما حقيقة دعوتكم¿ وما مقصدها¿ إنه فعلا الشعور بالهزيمة انه البحث عن منقذ ولو كان” سعيد اليهودي”. لهذا نقول لكل من يريد أن يكون منقذا قليل من الإنسانية والمسؤولية والضمير ..ضموا مصالح الأمة إلى مصالحكم الخاصة ولو نسبيا أو حتى بقانون المرور العرفي “ثلثين وثلث”.. دعونا نسير للأمام لأن فيه مصلحة للجميع!!