الوضع القائم
أحمد سعيد شماخ
عمدت الحكومة خلال العقود الماضية إلى زيادة التوظيف ورفع الأجور لكنها في ذات الوقت قد فشلت في تحفيز القطاع الخاص وزيادة النمو وفي حل مشكلة البطالة والفقر المتفاقم والذي تحتاج معالجته إلى إنفاق الأموال والجهد والعمل وإلى وقت طويل سواء من خلال الخطط والبرامج متوسطة وطويلة المدى وخصوصا فيما يتعلق بجانب السياسات السكانية التي تعمل وباستمرار في خلق مثل هذه القضايا.
فالبطالة والفراغ يعرفه غالبية اليمنيين وهي ليست وليدة اليوم بل تعد هذه القضية مرضا مستعصيا ظل يلازم اليمنيين منذ سنوات طويلة يشل ويقضي على حركة وحيوية الشباب اليمني ولا شفى منه إلا برحمة رب العالمين وبإرادة وإصرار الحكومة واليمنيين جميعا فالمؤسسات المعنية بحماية اقتصادنا الوطني وحماية إنتاجها الصناعي والزراعي هي التي تعاني اليوم الشلل الجزئي أو الكلي فهناك المؤسسات التي لا تستطيع أن تحقق وتحمي الأمن وتبسط الأمان والاستقرار وهناك مؤسسات لا تستطيع اليوم أن تحقق فائضا أوليا في الميزانية وأخرى لا تستطيع توفير سبل العيش الكريم أو الرعاية الصحية والطبية أو التعليم الجيد لكافة المواطنين خصوصا منهم صغار وكبار السن حيث يعيش معظم الناس في سنوات عجاف وأخرى يابسات فقدت خلالها الحكومات اليمنية الحالية والسابقة معظم صلاحياتها وسلطاتها على أكثر من مرفق وموقع رغم أن خزينة الدولة لم تتخل أو توقف ذلك البذخ والانفاق غير المجدي بمد خصومها بالرواتب والمساعدات والخدمات طوال فترة التمرد والانشقاق والتشرذم.
غير أنه كان من نصيب عموم اليمنيين نتيجة ذلك أن عاشوا في خوف وقلق ورعب بل وعيشة ضنكا بدخول لا تغطي احتياجاتهم اليومية من المواد الأساسية الضرورية وما زاد الطين بلة هو فقدان غالبية من هؤلاء الناس لوظائفهم وأعمالهم نتيجة الحرب والمواجهات الدائرة في أكثر من صعيد ومدينة وقرية الأمر الذي أدى إلى اتخاذ كثير من المستثمرين قرارا في إغلاق مصانعهم ومزارعهم وإلى تسريح العديد من العمال لديهم للأسباب آنفة الذكر أو لأسباب انعدام وارتفاع أسعار المشتقات النفطية ولأسباب أمنية وهو ما زاد من ارتفاع وتفاقم البطالة والجوع من سيئ إلى أسوأ وإلى تعميق الفجوة بين أبناء المجتمع الواحد نتيجة ذلك الركود والجمود والشلل الذي أدى إلى توقف معظم النشاطات الإنتاجية وإلى هروب معظم المستثمرين رؤوس الأموال وهجرتها إلى خارج البلد وإلى الهجرة القسرية لمعظم الشباب المهرة من ذوي الخبرات والكفاءات العالية إلى أكثر من بلد خصوصا منها إلى دول الجوار فهذه آفة قد أصابت معظم الشباب اليمني الذي بات اليوم يتعامل مع هذه المعضلة كأحد أبرز الأمراض المستعصية فلا فائدة من التخلص منها طالما بقي الشباب اليمني رهائن المحاصصة الحزبية في التوظيف وغيرها من الفرص فلن يكون الحل في اعتقادي إلا بالبحث عن نظام اقتصادي وسياسي جديد يخرجنا مما نحن عليه علنا نتوصل إلى روشتة تخلصنا من هذا الجمود والركود ومن هذا الإحباط واليأس الذي أصاب الجميع بلا استثناء.