النظام السياسي الديمقراطي المعاصر(2)
أ.د/عمر عثمان العمودي
معالم النظام السياسي الديمقراطي المعاصر:
النظام السياسي في صورته المجتمعية والديمقراطية المعاصرة لم يعد ينحصر في مجال وفي إطار السلطات الرسمية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية واختصاصات كل سلطة منها وطبيعة العلاقة بينها ومرجعياتها الدستورية الرسمية وذلك لأن هذه السلطات لا تعمل في فراغ أولا فهي عملا تعمل إطار مجتمع له ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المؤثرة عليها ولو بطريق غير مباشر وثانيا لأن المجتمع السياسي المعاصر تحركه الجماهير بواسطة رموزها وزعمائها ومنظماتها المجتمعية المدنية المتنامية من حيث العدد والكم ومن حيث الكيف والنوع والتأثير وقد أصبح النظام السياسي وسياساته العامة يأخذ في الاعتبار طبيعة البيئة والمحيط المحلي والإقليمي والدولي وما يتبعها ويرتبط بها من مداخلات مثل التأييد والمساندة والمطالب والضغوط والتحديات ويقوم بغربلتها واتخاذ السياسات والقرارات المتفاعلة والمستجيبة الممكن منها في صورة ما يسمى في علم السياسة بالمخرجات وعليه فإن تعريف النظام السياسي أصبح يتجاوز مفهوم نظام الحكم أو النظام السياسي في صورته الضيقة وأصبح مفهومه العام والمعاصر والديمقراطي هو: مجموعة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في المجتمع السياسي والدولة التي تتوزع بينها آلية وديناميات وعناصر القرار السياسي على المستوى النظري الدستوري والقانوني وعلى المستوى العلمي الواقعي والظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
طبيعة المشاركة السياسية المعاصرة:
جوهر الحريات يتركز في الحرية السياسية والحرية السياسية ترادف الديمقراطية السياسية وهذه بدورها ترادف وتساوي المشاركة السياسية والمشاركة السياسية عندنا ومن وجهة نظرنا تساوي في مضمونها الشورى الإسلامي التي تعني حق الإنسان والمواطن المسلم في الإسهام الفاعل في مختلف شؤون مجتمعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية ويدخل فيها حق الانتخاب وحق الترشح وحق المراقبة وحق المحاسبة.
وفي عصرنا الجماهيري الشعبي الحاضر لم يعد النظام السياسي صبغته وصفته وصورته الهرمية السلطوية الفردية الجامدة فالمشاركة السياسية أصبحت واسعة النطاق ومتعددة القوى والمؤسسات والمنظمات رسمية وغير رسمية وآلياتها ونظمها متقاربة ومتشابهة في كل الدول الديمقراطية المعاصرة وهي تأخذ عملا صورة الدوائر المتداخلة والمتكاملة وذات الهدف الواحد المرتبط بحكم الشعب وهذه الدوائر متفاوتة في الأهمية والقيمة والدور ويعطي لها علماء السياسية أسماء وألوان تبدأ بالدائرة الخضراء التي تعبر عن السواد الأعظم من الشعب وآماله وطموحاته ثم الدائرة الصفراء ويمثلها صفوة ونخبة الدائرة الأولى وتأتي بعدها الدائرة البرتقالية وتعبر عن نخب وصفوات عموم المجتمع الفكرية والدينية والحزبية والعلمية والثقافية والاقتصادية وبعدها الدائرة الزرقاء ويمثلها أبرز رجال الحكم والإدارة وقادة المجتمع وأخيرا الدائرة البنية الحمراء المحدودة العدد ويمثلها خلاصة القيادة السياسية وهي بؤرة كل هذه الدوائر وعادة فإنها تتركز في رئيس الدولة في النظام البرلماني وشبه الرئاسي أو رئيس الوزراء في النظام البرلماني ويدخل فيها وزراء المؤسسات أو الوزارات السيادية مثل وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الخارجية إضافة إلى وزير المالية.