من أجل تطوير الكتاب اليمني (3 – 3)

هشام علي


3- القراءة والمكتبات
لا يكتمل الحديث عن الكتاب إلا بحضور القارئ. وإذا كنا قد عرضنا للكتاب اليمني الذي بدا في الظهور على شكل مطبوع منذ بدايات القرن العشرين وكانت هذه البداية محدودة ومتعثرة من حيث عدد الكتب ونوعيتها فإن أوضاع القراء لم تكن أحسن حالا لاسيما إذا تذكرنا النسبة العالية للامية التي كانت تتجاوز 60% من عدد السكان في شطري اليمن والمستويات التعليمية المحدودة في المدن التي لم تكن تتجاوز الصفوف التعليمية الأساسية بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية للموظفين التي تجعل الكتاب أمرا ترفيا وليس حاجة مجتمعية أساسية.
ومع ظهور التعليم في مدينة عدنبدأت المكتبات التجارية في الظهور بشكل محدود وقد ركزت على الاهتمام باستيراد الكتاب العربي ولعبت دورا مهما في نشر الثقافة العربية في مواجهة المشروع الاستعماري الانجليزي والإدارة الهندية التي كانت تحاول نشر الثقافة الانجليزية ولغتها.
وكانت مكتبه الحاج عبادي “دار الكتب العربية” رائده في هذا المجال حيث كانت تستورد من مصر ولبنان بالإضافة إلى مكتبة منشي غلام.
وظهرت المكتبات العامة في عدن فقد أقامت بلدية عدن مكتبة عامة كبيرة في مدينه عدن سميت في وقت لا حق مكتبة مسواط وكان فيها عدد كبير من الكتب العربية و الإنجليزية. وهي اليوم مخصصة لكتب الأطفال لكنها تعاني من الإهمال لاسيما أنها قد تحولت إلى مخزن تابع لإدارة الأراضي وتحتاج لإعادة تأهيل وترميم لتستعيد دورها كأول مكتبة عامة في اليمن.
وفي بداية الأربعينيات ثم افتتاح المجلس الثقافي البريطاني في عدن وقد ضم مكتبة كبيرة ضمن مكونات الأخرى.
وكانت المكتبات المدرسية ضمن المكونات الأساسية في كل مدرسة متوسطة أو ثانوية وكانت ساعات محدودة في جد الدراسة للمطالعة في الكتبة.
بالإضافة إلى دروس القراء المقررة في النهج الدراسي وكانت كتب القراءة في أول الأمر مأخوذة من الناهج المصرية أو اللبنانية ثم شكلت لجنة من المثقفين والأدباء اليمنيين لتأليف كتب القراءة أو اختيار المواد المناسبة التي كانت تسهم في تنوير العقل وتنميته وحب القراءة بسبب جودة وسلامة اختيار المادة المقرة في دروس القراءة.
ونلاحظ هنا أن المسئولين في التربية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كانوا ينهجون نهجا سليما باختيار المثقفين والمفكرين للإسهام في المناهج الدراسية التي تعتبر قضية وطنية وليست مسألة خاصة بالتربويين والمختصين رغم أهمية هؤلاء في وضع المناهج ولكن توسيع أفق الرؤية ضروري أيضا لاسيما في دروسي القراءة والأدب.
ونحن نلاحظ اليوم أن كتب القراءة لم تعد تشجع على القراءة فقد غابت لذة القراءة عنها واختلاطها بدروس النحو والعلوم الدينية والصحة وغيرها رغم أن لكل من هذه المناهج مفرداتها وكتبها وتحت نهج ربط القراءة بالمجتمع أصبح كتاب القراءة في السنوات الأولي يهتم بالأمراض الشائعة والنظافة والأسواق وغيرها من المسائل العامة التي قد تعطي إرشادات عامة لكنها لا تخدم درس القراءة ولا تحببها للأطفال كمادة قائمة بذاتها.
فكتاب المطلعة لا يحتوي على حكايات والقصائد المختارة تقليدية وأقرب إلى الصنغة.
رغم وجود نماذج شعرية رائعة مثل أشعار ومسرحيات الشاعر أحمد شوقي التي يستطيع الأطفال حفظها وتقديمها على خشبة المسرح أيضا ومن التجارب المتميزة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي , تجربة المكتبات المتجولة , حيث كان هناك عدد من العربات تجر قاطرات تحتوي على كتب ثقافية متنوعة , وكانت تذهب إلى عدد من القرى والمناطق القريبة من مدينة عدن لتقييم عددا من الأيام وتتاح خلالها لأبناء المنطقة فرصة لقراءة واستعارت الكتب , وكان ثمة أنشطة موازية تحملها تلك العربات , مثل شاشة عرض سينمائية , تقوم بعرض الأفلام التسجيلية أو التعليمة أو بعض أفلام ” شارلي شابلن” , وحب رسائل تستخدم لجذب الجمهور إلى المكتبة والكتاب , لم تدم تجربة المكتبات المتجولة طويلا , وقد توقفت تماما في منتصف الستينيات . ومن التطورات السليبة في مجال المكتبات , في مجال المكتبات , إغلاق المكتبات المدرسية وتحولها إلى غرف دراسية , إلغاء ساعات القراءة المكتبة بسبب ضغط الدوام في اليوم الدراسي الذي أصبح قصيرة لآن الدوام في المدارس أصبح على فترتين أو ثلاث فترات . هكذا تخلت المدرسة عن وظيفة من أهم وظائفها , تعليم القراءة وتنمية حب المطالعة للكتب العامة خارج نطاق المقررات الدراسية.
ينبغي الإشارة إلى بعض المظاهر الايجابية التي برزت في السنوات الأخيرة حيث ازداد عدد المكتبات العامة وانتشرت في بعض المدن كما بادرت بعض مؤسسات المجتمع المدني بدعم من وزارة الثقافة والصندوق الاجتماعي للتنمية بإنشاء مكتبات للأطفال ولكن هذا التطور لا بوزاري احتياجات المجتمع للثقافة.
إن هذه المقاربة لقضية القراءة تظل

قد يعجبك ايضا