المنسيون (المتقاعدون)

واثق شاذلي

مقال


هناك شرائح كثيرة من مواطنينا لا تلقى الاهتمام المطلوب بها من قبل المجتمع والشعب والدولة وفي مقدمتهم شريحة المرضى النفسيين وشريحة المتقاعدين, ولنتحدث اليوم حول المتقاعدين على أن نتناول موضوع المرضى النفسيين في لقاء قادم بإذن الله.
قد يكون ذكري لهاتين الشريحتين جنبا إلى جنب انه في عرف الكثيرين أن مرضى النفس هم أناس خارج “الجاهزية” أما الذين ذهبوا إلى التقاعد أو هم في طريقهم إليه فهم أناس يتم الترتيب لوضعهم خارج نطاق هذه الجاهزية .
العلة في اعتقادي ليست في موضوع التقاعد نفسه ولكن في ما يحدث خلاله للمتقاعد من أمور لم ينزل الله بها من سلطان. .
يقولون أن لكل محارب استراحته , وان بني ادم خاصة من فئة الموظفين ذوي الدخل المحدود الذين بذلوا جهودهم في سبيل الشعب والوطن وظلوا عرضة للهموم والقلق والخوف من المستقبل … يقولون أن لهؤلاء استراحتهم وان راحتهم ستكون في تقاعدهم وخاصة عند استلام رواتبهم التقاعدية ( المعاش) فكيف هي راحتهم تلك يا ترى¿! .
إذا كان من حق المرضى أن يحصلوا على الرقود ( التمديد) في المستشفيات وان يحصل الموتى عليه في القبور فإن المتقاعد عندنا لاحق له في هذا الرقود حيا أو ميتا .. مت .. قاعد .. .هكذا يزيدون في عذابه بدلا من حرصهم على راحته,المثل الشعبي القديم الذي يقول ” حي باموت ” ينطبق أيضا على متقاعدنا فلا هو حي كبقية خلق الله أو ميت كمن توفاهم الله وذلك براتبه ( معاشه) الذي لا يزيد عن ثلاثين ألف ريال ولديه أسره من أربعة أو خمسة أفراد , مرتبه هذا لا يكفيه وحده… إذا نام هذا المسكين فإنه يتمنى أن لا يستيقظ من نومه كي لا يواجه بطلبات أسرته الصغيرة وبعدها طلباته هو نفسه.
قصص المتقاعدين المدنيين ويقال أن عددهم في عدن يبلغ نصف مليون متقاعد فكم ياترى عددهم في عموم الجمهورية¿ قصص هؤلاء كثيرة..بعد أن أفنوا أعمارهم وصحتهم وقدموا شبابهم رخيصا على مذبح مصلحه الشعب والوطن ها هم الآن يجازون بإلقائهم في ما يشبه سلات المهملات أو على اقل تقدير في الزوايا والأركان الموحشة مكتوفي الأيدي والأرجل بحبال المراكب التي لم تعد ترسو في بعض موانئنا لسوء إدارتها. ومن قصصهم من تولى منهم مناصب هامه(رئيس مجلس إداره أو نائبه) وخرج براتب تقاعدي لا يزيد عن(60) ألف ريال ومن غرائب قصصهم أن بعض مرؤوسي هؤلاء خرجوا برواتب أضعاف ما حصل عليه رؤساؤهم…لماذا يا وزارة الخدمة ويا هيئة التأمينات ونعرف أنها أوامر عليا صدرت إليهم بصرف رواتب استثنائية لهؤلاء.
عمل التأمينات(المعاشات) في بلدنا يحتاج إلى إعاده نظر وغربله من أعلى سقفه حتى عتبة باب دخوله.
نحن على أبواب ارتفاع في الأسعار وهذا يعني أن الرواتب الضئيلة لهؤلاء ستزداد ضآلة,فإذا ما تطلب الأمر رفع رواتب العاملين وبقي الحال على ما هو في السابق برفع 50 % للمتقاعدين فالأجدى فتح القبور الجماعية لهم أي المتقاعد وأسرته لعل بعض ذوي الشأن أو من في يدهم الأمر ينظرون إليهم من علياء (طيرماناتهم) ويترحمون عليهم.
هؤلاء المنسيون من أهل التقاعد لا حزب لهم ولا جماعة أو قبيلة يمكن أن تدافع عنهم وتحصل لهم على حقوقهم ولا يستطيعون اللجوء إلى الوسائل القانونية والشرعية في الدفاع عن مصالحهم,لا يستطيعون رفع قضاياهم إلى المحاكم فرواتبهم لا تكفي لإطعامهم,أما أصحاب المعاشات (العالية) فلا حاجه بهم للمحاكم أو غيرها فكله في الجيب.إنهم لا يقدرون على القيام بالمظاهرات السلمية فالصحة لم تعد تسعفهم للقيام بها,ولا يستطيعون القيام بالإضراب عن العمل فلا عمل لهم ولا أمل.
ليس لهم سوى السلطة الرابعة(الصحافة) لعرض حالهم والدفاع عنهم إلا إذا كانت الصحافة نفسها في حاجه إلى من يدافع عنها¿!

Wams2013@hotmail.com

قد يعجبك ايضا