مواجهة الإرهاب.. قضية وطن

فتحي الشرماني


ما من شك أن سرطان الإرهاب المزروع في هذا الوطن قد صنع من الفظائع والمجازر في الآونة الأخيرة ما لم يصنعه طيلة عقد ونيف من الزمان .. والحق أن منهج الإرهاب في تنفيذ جرائمه المتوالية أفقد غالبيتنا القدرة على الشعور بما يحدث, على الرغم من أن نزيف الوطن من الدم لم يتوقف وصوت أنينه لم ينقطع, وبدا الحال في ما مضى كأننا – الدولة والشعب – لم يعد لدينا خيار غير التعايش مع هذا الواقع الأليم, بل ولا مهرب من السماح لوحش الإرهاب أن يبتلع العشرات منا – مدنيين أو عسكريين – بين آونة وأخرى حتى يهدأ سعيره, وقد تعودنا أن يأتي العقل الجمعي ليسوغ لا إراديا هذه الحال في خطاب سلبي يكرس اللامبالاة, وذلك حين نقول بنشوة: (إن الوطن اعتاد أن يقدم التضحيات في سبيل مجده ورفعته وثباته), مع أن المنطق يقتضي أن نقف أمام هذا الإرهاب وقفة رجل واحد لنحفظ دماءنا, ولكي نتمكن من بلوغ المجد وتحقيق الرفعة والثبات بدون هذه الخسائر في الأرواح .. والمهم أن اشتداد وطأة الجريمة الإرهابية جرى بأسلوب دراماتيكي أفقدنا الإحساس بخطورة الوضع الذي وصلنا إليه وبمدى توغل خنجر الإرهاب المسموم في خاصرة الوطن.
فقد بدا الإرهاب هذه الأيام بصورة أكثر وحشية لم يظهر بها من قبل .. أسال فينا الدماء وأثخن الجروح, وجعل من الجنود الأبرياء الساهرين على أمن الوطن والمواطن عدوا مباشرا ..فكم ظل ولا يزال يترصدهم ويشن عليهم الغارات لا لشيء سوى أن يظفر بقتل أكبر عدد منهم, بل جن جنون هذه العناصر الإجرامية الضالة, فغدت توزع الموت الجماعي على اليمنيين(الرجال والنساء والأطفال على السواء).
هل أتاكم حديث صباح صنعاء الجميل الذي اقتحمه الإرهاب ذات يوم ليحوله إلى ليل مظلم ومخيف مليء بالأهوال التي يشيب لها الولدان¿ .. صبح لم تعرف مثله صنعاء في تاريخها الحديث, فقد تسلل الإرهابيون في ذلك الحين إلى مستشفى العرضي بمجمع وزارة الدفاع على حين غفلة, وأخذوا يقتلون بكل وحشية كل من لقوه أمامهم من الأطباء والمرضى والزائرين الآمنين بأمان الله .. جرى هذا في مشهد أبكى قلوب اليمنيين والعالم, وهم يشاهدون ما وثقته الكاميرات.
بيت القصيد من هذا كله أن ثمة إجماعا وطنيا وشعبيا لا يحتاج القول به إلى دليل .. إجماع وطني وشعبي على أن مواجهة الإرهاب قضية وطن وشعب ودين وهوية ومستقبل ووجود .. فمؤامرة الإرهاب بصيغتها الحالية تقود حرب إبادة ضد اليمنيين, وجماعات الإرهاب كتل مسكونة بالحقد على المجتمع المسلم برمته, ولذلك فهي تصنع الموت اليومي, وتزداد شعورا بالارتياح كلما رأت سيل الدم متدفقا, والجثث متراكمة فوق بعضها.
وكلنا يعلم اليوم أن مواجهة الإرهاب باتت خيارا لا رجعة عنه لإنقاذ اليمنيين من هذا الفخ الذي تنصبه لهم قوى الشر, فمسلسل الإرهاب لن يتوقف مادام يستطيع الوقوف على قدميه, ولا خيار أمام اليمنيين سوى أن يتكاتفوا للوقوف في وجهه, ومواصلة الحرب عليه حتى تطهير كل الأرض اليمنية من عناصره, وإفشال مخططات من يقف وراءهم.
وإذا كانت غالبية النخب اليمنية تدرك ذلك, وهي مع الجماهير تمتلئ غيظا وإصرارا على الانتقام من هذا العدو المبين والقاتل المأجور فإن التخاذل سيضر بقوة اليمنيين في هذه المعركة المفتوحة مع من تبقى من شراذم الإرهاب المتناثرة في الشعاب والأودية .. فالمعركة معركة الجميع, وينبغي أن تظل كذلك.

قد يعجبك ايضا