واقع الأقاليم في دساتير الدول الاتحادية

د. شاكر الشايف


تختلف الدساتير في دول العالم من حيث كيفية توزيع السلطات داخل الدولة وتتأثر بهذا الخصوص بشكل الدولة التي قد تكون دولة موحدة أو دولة اتحادية وأيضا بنظام الحكم هل هو ملكي أو جمهوري ديمقراطي أو ديكتاتوري وكذلك وفقا لما يراد تحقيقه ومدى اهتمامها بنظام معين بما يتفق وظروفها السياسية والحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ومكونات الدولة الاتحادية أيا كانت تسميتها – أقاليم أو إمارات أو ولايات أو مقاطعات – يختلف وضعها في الدستور الاتحادي وذلك تبعا لطريقة نشأة الدولة الاتحادية التي تنشأ وفقا لإحدى طريقتين : الأولى : عند انضمام عدد من الدول المستقلة لبعضها البعض من أجل تكوين اتحاد, وذلك مقابل تنازلها عن كامل سيادتها الخارجية والاحتفاظ بكل أو بجزء من السيادة الداخلية وينظم الدستور الاتحادي هذه العلاقة وذلك مثل ( دولة الإمارات العربية المتحدة – الاتحاد السوفيتي سابقا) . أما الثانية وهي تعني تطوير نظام دولة موحدة من النمط المركزي إلى الاتحادي وذلك بسبب الأزمات السياسية أو التعقيد في الوظيفة الإدارية بحيث لم تعد قادرة على تلبية احتياجات المجتمع المحلي أو بسبب احتمال حدوث انفصال داخل الدولة.
ولأن ازدواج السلطات والاختصاصات هو المحور الذي يترتب على قيام أو نشأة الدولة الاتحادية فإنه دائما ما تثار مسألة كيفية توزيع السلطات والاختصاصات بين الأقاليم والمركز في الدولة الاتحادية وبهذا الصدد ولمنع الازدواج بين سلطات واختصاصات الدولة الاتحادية والأقاليم اتجهت دساتير الدول الاتحادية في العالم إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول : أن يحدد الدستور الاتحادي اختصاصات كل من الدولة الاتحادية والأقاليم على سبيل الحصر والتعداد لهذه الاختصاصات ويعيب هذا الاتجاه الجمود وعدم مراعاة أو مواكبة التطورات والمستجدات التي قد تلحق بالمجتمع والدولة كما انه لا يمكن أن يقوم بحصر شامل لكل المسائل والاختصاصات , الأمر الذي قد يخلق نزاعا بين الدولة الاتحادية والأقاليم على الاختصاصات المستجدة وغير الواردة في الدستور هل هي اختصاصات اتحادية أو إقليمية .
الاتجاه الثاني : أن يحدد الدستور الاتحادي على سبيل الحصر والتعداد التشريعي الاختصاصات التي تكون للدولة الاتحادية ويترك ماعدا ذلك من الاختصاصات الأخرى للأقاليم وهذا الاتجاه يحدد ويضيق من اختصاصات الدولة الاتحادية ويوسع من سلطات الأقاليم وذلك بكل مالم يرد به نص في الدستور إضافة إلى ما يتجدد من اختصاصات أو وظائف في المستقبل وهذا الاتجاه تأخذ به أغلب الدول الاتحادية التقليدية مثل ( الإمارات العربية المتحدة – الولايات المتحدة الأمريكية ).
الاتجاه الثالث: وفيه يحدد الدستور الاتحادي على سبيل الحصر والتعداد اختصاصات الأقاليم ويترك ماعدا ذلك من الاختصاصات للدولة الاتحادية باعتبارها صاحبة الاختصاص العام, وهذا الاتجاه يوسع من سلطات الدولة الاتحادية ويضيق من اختصاصات الأقاليم.
وبذلك تتأثر دساتير الدول الاتحادية بأحد الاتجاهات السابقة وذلك وفقا للعوامل البيئية المحيطة بالنظام منها الظروف التاريخية والسياسية والحالة الاجتماعية والثقافية والحالة الاقتصادية وأيضا تتأثر بشكل رئيسي بطريقة نشأة الدولة الاتحادية فإذا كانت قد نشأت نتيجة انضمام عدد من الدول المستقلة إلى بعضها البعض فإن الاتجاه يكون نحو المحافظة على الاستقلال الداخلي لهذه الدول والتضييق من اختصاص دولة الاتحاد. أما إذا كانت قد نشأت نتيجة تطور أو تفكك الدولة الموحدة فإن الاتجاه يكون نحو تدعيم اختصاصات الدولة الاتحادية باعتبارها صاحبة الاختصاص العام والأصيل وبالمقابل التضييق من سلطات الأقاليم .
وفي اليمن وجدت الأقاليم نتيجة التحول من دولة موحدة وبسيطة إلى دولة اتحادية وذلك لظروف خاصة مرت بها اليمن وعلى ذلك ووفقا لطريقة نشأة الدولة الاتحادية اليمنية والأسباب والظروف الخاصة التي دفعت اليمنيون للاتجاه نحو ذلك يكون من الأجدر بالدستور الاتحادي الجديد الاتجاه نحو النص على طبيعة الأقاليم ومساواتها فيما بينها بعلاقتها بالمركز فقط وترك ماعدا ذلك لقانون الأقاليم الذي يحدد اختصاصاتها وهذا الاتجاه يكون أقرب إلى مخرجات الحوار الوطني الذي توافق عليها اليمنيين والتي منها إصدار قانون للأقاليم وقانون للإدارة المحلية داخل الأقاليم ولهذا الاتجاه ميزة هامة تتمثل في مرونة ومواكبة المستجدات والتطور التي قد تلحق بالمجتمع والأقاليم وذلك لسهولة تعديل القوانين بعكس الدستور , وبذلك تكون واحدة من أهم مميزات الأقاليم والتي تمتلك قيمة جوهرية هي حجم الصلاحيات والاختصاصات المنصوص عليها في قانون الأقاليم والدور الذي يمكن أن تقوم به في تنمية وتطوير الحياة في الإقليم الاتحادي .
وأخيرا من المهم عند وضع قواعد وأسس الأقالي

قد يعجبك ايضا