الـ((أنا)) العالية في أبهى تجلياتöها..1-2

فايز محيي الدين البخاري


فايز محيي الدين البخاري –

في الحياةö كثير من الأمور التي تصادف الشاعرأي شاعر وتدفعه إلى اللجوء إلى المدح لا حبا في المدح كفن شعري بذاته ولكن في محاولة منه لإثبات الذات والقول للآخرين: أنا هنا أنا شاعر.. وأحيانا للوصولö لغاية يستحقها ويعلم علم اليقين أنú لا سبيل للوصولö إليها سوى طرúقö بابö المدح كما فعل أبو الطيب المتنبي في الكثير من مدائحه التي لم تكن خالصة لوجه الممدوح وبالذات ما قاله في كافور الإخشيدي.
ومن الجميل أنú نجد ذلك الشيء والنسق الشعري متجسöدا لدى الشاعر جميل عزالدين في مجموعته (الأصابع تلامöس الشفق) فالشاعر – وكما يبدو مöن أولö وهúلة لöمن يتصفح مجموعته الشعرية – مسكون بطموح لا حد له وهذا الطموح يتكئ على امتلاكöهö لöزمامö اللغةö وامتطائöهö لصهوةö الشعرö في بيئة ريفية وأسúرة لم ينبغú فيها فحل شöعر سواه فضلا عن فصاحة في البيانö أودعها الله فيهö وحباه بها فكان أنú تولد لديهö شعور بالعظمةö أو لنقلú بالتميزö خاصة على زملائöهö في الجامعة وهذا الشعور هو ما يسمى الوثوق بالنفسالذي يصل لدى الشاعرö إلى ذروتöهö حتى ليسمöيهö منú يعرفه لأولö وهلة مغرور فيما الأصل أنه واثق مöن نفسöهö وهذا الوثوق بالنفسö هو الذي حقق له أول أحلامöهö الذي كان يعتبره بمثابةö الانطلاقةö الحقيقة لöيطöل منها على عالمö الشöعرö والشهرةö الفسيح وذلك حين تم تعيينه مذيعا ومقدöما لبرامج ثقافية في قناةö اليمنö الرسميةö الأولى ومنها كانتú انطلاقته الكبرى حين حلق بجناحينö قويينö يرتكزانö على فصاحةö اللöسانö وقوةö البيانö وبلاغةö المنطقö وحسúنö السبúكö والانتقاءö للألفاظ وهذا ما جعله يصل إلى القلوبö خلال فترة وجيزة لم يصلúها غيره مöن المذيعين والمبدعين إلا بعد سنوات طöوال بمعنى أنه اختصر عقودا مöن الزمنö بöما امتلك مöن موهبة فذة وقدرات إبداعية عالية كان يجب أنú يسلكها ليصل إلى ما وصل إليهö اليوم. وهذا الأمر قد يسبöب له المتاعب في مجالö عملöهö شأنه في ذلك شأن أيö مبúدöع كفء لديهö قدرات وإمكانيات تسمو على ما لدى الآخرين خاصة في مجالö الإبداعö الأدبي والصحفي والإذاعي الذي يكون التنافس فيهö والغيرة والحسد على أشدöه.
والمتلقي لشعرö جميلö عزö الدينö غيرö العاطفيö وكذلك الغزليö يجده ضاجا بهذا الشعورö بالتميزö والافتخارö بالذاتö والوثوقö بالنفس فهو حين يمدح لا يرجو سوى تحقيقö ذاتöهö والحصولö على ما هو له أو ما يستحقه مقارنة بغيرöهö مöن الوصوليين والانتهازيين الذين يصلون لöمناصب لا يستحقونها بسببö التملقö والانتهازö والأساليبö الملتوية والرخيصة التي يسلكها البعض هذه الأيام للوصول إلى مآرöبöهöم وإلى مناصب لا يستحقونها في حين يحúرم منها الأكفاء وذوو القدراتö بسببö نأيöهöم عن هذه الأساليبö الدونية ما يجعل شاعرنا يلجأ لشöعرö المدحö لا لطلبö العطيةö أو لغرضö المدحö ذاته خاصة وأن الصدق في المدحö يخلو مöن كلö مدائحöهö إذا أمعنا النظر ولكنú لغرضö إيضاحö قدراتöهö لöمنú يمدحهم وتبيانö ما يمتلك من موهبة فذة تستحق مكانة أعلى من المكانة التي هو فيها ومنصبا أكبر هو قادر على إدارتöهö بكفاءة واقتدار مöن خلالö ما أودع الله فيهö مöن قدرات وإمكانيات تجعله مستحöقا للمناصبö العليا في مجالöهö.
وهنا نلمح ذاته الواثقة المتكöئة على ما ذكرنا من قدرات وإمكانيات وموهبة فذة تعكس “أناه” العالية حتى يمكن الربط بينها وبين “الأنا” المتعالية لدى أسطورة الشعر العربي أبي الطيب المتنبي الذي كان يلجاú للمدح لا للمدح بذاته أو حبا في الممدوح -غالبا- ولكنú ليعكس موهبته الفذة وليذهöل خصومه وأعداءه بما يمتلك مöن ثروة لغوية وبما تزخر به قريحته وشöعره المتقöد مöن صور لا يستطيع غيره الإتيان بهاولا لشاعر فحل أنú يطرق معانيها.
وهذا كله كان يدفعه إليهö إحساسه – كما لدى شاعرنا جميل- بالغبúنö وعدم الإنصافö في مجتمع وصل إلى مناصبöهö العليا أذنابه واستولى على زمامö الأمورö فيهö تنابلته وساس الرعية فيهö من لا يعرف لöكلö إنسان قدره ما جعل الشاعر يتمرد على هذا الواقعö- حاله كحالةö شاعرöنا جميل- مöن خلالö الإيغالö في مدحö الذاتö التي تو

قد يعجبك ايضا