نجاحنا في اختبار المانحين

خالد الصعفاني


خالد الصعفاني –

.. بين انتظار بلادنا لحسنات المانحين وحسناتنا على بلدنا بالعمل الجاد تقبع المشكلة الكبيرة للإدارة في هذا البلد العظيمة حضارته .. هناك في لندن اجتمعوا وهذا الاسبوع اجتمعوا وبينهما قصيدة طويلة من التصريحات المحلية بأن المانحين لم يلتزموا , وأن على المانحين الوفاء بما تعهدوا به , وهذا أمر مهم ونقف معه وكما نقول في اليمن ” الرجال تحبل من لسينها ” .. لكن الخشية من أن لا يصبح هذا المثل ملزما للمانحين أن تعهدت به سيدات مثلا .. أو شخصيات تفهم في الأرقام أكثر من الأمثال الشعبية, وتدرك معنى الشفافية أكثر من الأعراف القبلية , وهنا فقط ستكون أحلامنا قد ضربت في مقتل ونحن ننتظر منح المانحين وعطايا المعطيين ..
.. ومثلما نريد من المانحين أن يعطونا السمكة علينا أن نطلب من الصينيين أن يعلمونا كيف نصطاد السمك .. وبالاهتداء لهذا الحذق في التعاطي مع الدعم المالي الكاش والدعم المادي المباشر ومزجهما مع إرادة حقيقية لإدارة البلد بكفاءة وحرص وأمانة فإن القادم سيكون أفضل حتما بل وبنسب تفوق نسبة ال 99,99% التي نعرفها جيدا كعرب وكيمنيين ..!
.. وقد تابعت عددا من التصريحات لأجانب كانوا يتحدثون فيها عن اليمن .. قالوا (تواجه اليمن مشاكل الجوع وعدم قدرة الحكومة على توفير المرتبات ونقص المياه الصالحة للشرب).. قالوا أيضا (إننا نجحنا في السير بالعملية السياسية والانتقال السلمي للسلطة بصورة طيبة لكننا واقفون عند العملية الاقتصادية التي ستشعر اليمنيين جميعا بالتغيير وبالمستقبل الأفضل).. ولأنهم مباشرون في الكلام ولا يعجبهم الغث قالوا أيضا إن أكثر ما يهمهم في المرحلة الحالية وهم في اجتماعات أصدقاء اليمن أن يشعروا بأن المنح المقدمة تدار بطريقة كفوءة وعادلة وأنها تذهب بالفعل للشعب اليمني الذي ينتظر عوائدها ..
.. ومع دقة ومباشرة ما قالوه حتى وإن شعر بعضنا بالحرج وهو يتلقى عطايا مشروطة تمنع السفه والطيش في استخدامها إلا أن ضمانات دفع المانحين لمنحهم ليست موجودة وعليه فإن واجب الحكومة الآن أن تدير الأمر بحكمة وشفافية تبعث الاطمئنان والثقة لكل قلوب المانحين على السواء أكانوا عربا أو عجما .. أمام الحكومة خطوة مهمة لا بد من خوضها تتصل بإثبات أنها راشدة , يعني أنها جزء مهم من عملية البناء الاقتصادي التي يريد المانحون أن يروها أثناء وبعد عملية الوفاء ..
.. المعنى والمبنى في لقاءات المنح والمطالبة والوفاء أنه لا بد من ثقة تجعل المانح يطمئن أن ماله لن يذهب لزيادة إثراء طبقة ثرية في الأصل , ولن يكون خيرها لطبقة فاسدين هم أنفسهم سببا من أسباب إنهاك الاقتصاد وحتى تدمير البلد .. هذا اختبار حقيقي فهم يريدون الطمأنينة إلى أن مالهم سيذهب لمن يستحقه من الشريحة الأوسع في هذا البلد , وهي الشريحة المتوسطة والفقيرة التي طحنتها الجرع المتتالية للحكومات والانتكاسات المتعاقبة في الاقتصاد كما أكل مستقبلها قوم من الفاسدين البلهاء الذين يأكلون مال العامة ويستثمرونه في الخارج أو على حساب كرامة اليمنيين ومستوى العيش الذين يرغبون في تناوله ..
أخيرا :
.. مال المانحين كما تقشفات الحكومة لا ينبغي أن تصرف في بنود الإنفاق البيروقراطي أو البنى التحتية الجامدة .. يجب أن توجه به مباشرة إلى الإنفاق الاستثماري لدعم الزراعة والصحة والصناعات الصغيرة التي توفر العمل البسيط لأرباب الأسر وللشباب العاطلين .. وهذا يعني مصداقية الحكومة في الوفاء بواجباتها تجاه الشريحة الأوسع من المجتمع الفقير والمعدم فبهؤلاء ننتصر وبمثل هؤلاء ينزل القطر من السماء .. وهذا يعني النجاح الحقيقي..
khalidjet@gmail.com

قد يعجبك ايضا