مهدي الحيدري: عدم كفاءة قيادة الثقافة وراء التردي الراهن
لقاءات/ محمد صالح الجرادي

> مجاهد شاكر: اهتمام الدولة ليس بالمستوى المطلوب
> خالد الجنيد: المؤسسات الثقافية غير قادرة على تنفيذ برامجها
لا جديد أكثر من حالة الركود والرتابة والتراجع المتزايد في واقع الفعل الثقافي وهي الشكوى ذاتها تستجر نفسها منذ سنوات طويلة.
لكن هذه الحال لا تتوقف عندها إمكانية البحث عن واقع مختلف عن ظروف تقود إلى نهوض في واقع الفعل تعيد الاعتبار لما هو ثقافي وإبداعي وتفتح آفاقا للعطاء الإبداعي الخلاق.
وتواصلا لسؤال” ثقافي الثورة” المطروح بين أيدي المعنيين والمسؤولين والذي يبحث عن إمكانية الخروج بواقع الثقافة من غيبوبته الراهنة إلى ساحات الفعل النشط والمتواصل والفاعل يؤكد الشاعر مهدي الحيدري والذي يشغل مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة ريمة أن معطيات الراهن الثقافي تستوجب ” إعادة النظر أولا في من يقود ثقافة هذا الوطن وفي هذه المرحلة التي ينبغي أن يكون الفعل الثقافي هو السند الأهم المصاحب لتحقيق السياسات الوطنية وفق الرؤى والتحولات الجديدة”.
ويضيف الحيدري: لا بد أيضا من إعادة النظر في طبيعة الاستراتجيات والسياسات الثقافية بالنظر إلى المستجدات الراهنة ولا بد كذلك من أن يعمل المثقفون والأدباء على توحيد أنفسهم في كيان فاعل أو أن يصنعوا من أنفسهم مراكز قوة لانتزاع حقهم في الإبداع والعمل الثقافي وليكن شأنهم في ذلك شأن عمال النظافة الذين يجدون أنفسهم في كيان فاعل وصارت لديهم القدرة على المطالبة بحقوقهم.
إعادة الاعتبار للثقافة!!
من جانبه يرى مجاهد شاكر مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة المحويت أن إمكانية النهوض بالواقع الثقافي تتحدد أولا في إعادة الاعتبار للثقافة بحيث يصبح صانع القرار ويصبح سياسيون يتعاطون مع حاجات الثقافة بالصورة التي تليق بها وليس بالصورة التي تعني أنها فائض عن الحاجة.
ويتابع شاكر لدينا من المنتوج الثقافي والإبداعي والتاريخي والحضاري ما يمكن أن تخلق من خلال الاهتمام به واقعا ثقافيا مزدهرا ومتناميا وحين يتحقق اهتمام الدولة بالثقافة ودعمها كما يجب أو كما ينبغي أن تكون حاجتها للدعم فإننا حينها سنجد أوجه النهوض في ما يتصل بالاهتمام بتراثنا وموروثنا الثقافي والشعبي والنهوض أيضا بالمسرح وبأشكال الفنون الأدبية والإبداعية عموما.
ويشير مدير مكتب الثقافة بالمحويت إلى أهمية الاهتمام بالثقافة على مستوى المحافظات إذا أردنا النهوض بواقع الفعل الثقافي بحيث لا تصبح هذه المكاتب مجرد تكملة لهيكل إداري في الحكومة.
النهوض من خلال الشباب
ويتفق الفنان الغنائي التشكيلي خالد الجنيد مدير عام بيت الفن بمحافظة ريمة مع ما طرحه شاكر في ما يتعلق بدور الدولة ومسؤوليتها في الأساس تجاه النهوض بواقع الثقافة.
يقول الجنيد: على الدولة تقع مسؤولية الاهتمام بالحاجة الثقافية والإبداعية للبلد وعليها مسؤولية تنمية القدرات الإبداعية للشباب واستغلال طاقاتهم المتقدة في البناء والنهوض بالوطن في مختلف المجالات وخاصة المجال الثقافي.
غير أن الجنيد يلفت بأسف إلى واقع التعاطي مع الثقافة في الوقت الراهن وخاصة في ظل الحديث عن تحولات تاريخية ووطنية تستوجب أن يكون التعاطي مع ماهو ثقافي مختلفا ومواكبا لحجم هذه التحولات وأهدافها إذ نجد استمرار الدعم نفسه للمؤسسات الثقافية وهو دعم متواضع كما نعرفه منذ سنوات طويلة مضت وهذا لا يشجع المؤسسات الثقافية على تنفيذ ما يمكن من الخطط والبرامج كما هو مأمول.
ثقافة في إجازة مفتوحة
وفي ذات السياق يؤكد مهدي الحيدري مأساوية الراهن الثقافي ويصفه بأنه يعيش في غيبوبة أو إجازة مفتوحة عن الفعل الثقافي الحقيقي الذي تتطلبه السياسات الثقافية الوطنية والتحولات السياسية والأحداث المصيرية التي يمر بها الوطن.
وقال الحيدري: هذا التردي والتراجع في واقع الفعل الثقافي ليس سببه كما يقال الظروف العامة أو المرحلة الاستثنائية التي يعيشها الوطن مع الاعتراف بتأثير ذلك جزئيا في كل المجالات سلبا وإيجابا لكن السبب الجوهري هو عدم جدارة وكفاءة قيادة وزارة الثقافة الحالية بأن تكون في مستوى المرحلة.
وفي حين لفت الحيدري إلى تفاعلات ثقافية وفكرية وإبداعية عن المستوى الثقافي المجتمعي الفردي إلا أنها بحسب تعبيره تفاعلات مخذولة من مواكبة الفعل الثقافي الرسمي لها أو الاستجابة لبواعثها وتداعياتها ونتاجاتها التي يمكن أن تشكل مشهدا ثقافيا زاهرا ومبدعا.