وحروب الصالات الأنيقة¿¿

د.حسين العواضي


لكل أمة حروبها.. حروب ضد التخلف والفقر كتلك التي خاضتها دول أميركا الجنوبية.. وحروب ضد التقاعس والكسل كتلك التي خاضتها النمور الآسيوية ونجحت فيها بامتياز.
ألمانيا خاضت حربها ضد الهزيمة في الحرب العالمية ومثلها فعلت اليابان.. وأميركا خاضت حربا طاحنة ضد الانفصال فانتصرت لتصبح أعظم أمة في العصر الحاضر.
أما أعنف الحروب.. وأشرسها وأعظمها تأثيرا فقد كانت حرب الصين ضد -الأفيون- أفاقت الصين من غيبوبتها.. وحين نهضت اهتز العالم ووقف مندهشا لوثبة التنين الأصفر.
كل هذه الحروب.. شريفة.. ومقدسة.. وغاياتها نبيلة ومضمونة.. ولهذا حصدت الشعوب ثمارها تقدما وازدهارا رغم خسائرها الفادحة.
ترى متى نخوض حربنا الشريفة والشجاعة ضد –القات-¿ هذا الغول الأخضر الذي حولنا إلى كائنات شاحبة سارحة يتندر بها العالم ويسخر منها, ويراهن على انقراضها وضياع مستقبلها.
ومتى نتفرغ لحروب أكثر قداسة كالحرب على الثأر والجفاف.. والفساد.. والخنوع والخضوع.. وغيرها من الحروب التي تستحق أن نخسر لها.. ونتعب فيها.¿
يبدو أنه كتب على اليمنيين أن يخوضوا الحروب التي لا طائل منها ولا جدوى.. وحتى آخر قطرة من دماء المتفرجين.. والمحتاجين.. وعابري السبيل.
حرب الأراضي.. والمراعي.. وحرب الكهرباء والمياه ألم تتابعوا ما يجري بين قريتين متجاورتين في محافظة تعز من حرب ضروس على مجرى مياه سقط العشرات.. وقالوا أن الجيش هرع إلى موقع الخلاف, لوقف نزيف المياه والدماء.
وحرب المساجد التي أشرنا إليها في هذه المساحة الأسبوع المنصرم, وعلق البعض أن في الأمر مبالغة.. وتهويل وعسى أن تعالج هذه الظاهرة المخيفة وتوأد في مهدها قبل أن نعض أصابع الندم.. وبنان الخسران.
هذا الأسبوع تصحو العاصمة على حرب أخرى من نوع فريد.. وطراز جديد, حرب صالات الأعراس الأنيقة.
تحولت الحرب الباردة بين –الأعفاط- إلى مواجهة مسلحة وكادت تحدث مجزرة بشرية هائلة لولا تدخل العقلاء وموقف المضيف وحسن تصرفه.
ثم أن كبار الحضور بالصالة هدأوا قليلا.. ثم انسحبوا طائعين, بعد أن صرخ مستشار الجن من البدروم بعد قليل يصل المبعوث الأممي جمال بن عمر.
المشهد الذي ظل حديث -المقايل- طوال الأسبوع, وتسلية متداولة بين زوار المواقع والتواصل, ومادة شهية للحشوش والشماتة.. والشائعات, خلف عبارة في سماء العاصمة المتعبة أسئلة.. ونكات.
النكتة التي لا تدعو للضحك بل للسخرية والرثاء, أن وزارة الداخلية تحركت بسرعة البرق, حتى قبل أن يبرد بارود البنادق المشتعلة بين طرفي النزاع.
وشكلت لجنة أمنية ثقيلة للتحقيق فيما جرى¿¿ طيب إذا فتح لهم أحد الطرفين بابه¿ أو عبرهم بكلمة¿ أو جاد عليهم بنظرة¿ أو سمع لتوسلاتهم, فاحلقوا ذقن مدرب برشلونة.. ورأسه أيضا¿
يا معالي الوزير النشيط, قد قلنا لك في هذا المكان قبل شهر من الزمان, أن ملايين اليمنيين لن يخذلوك, ولن يتحدوك ويثلج صدورهم حتى السعال أن تطارد الجريمة, وتطبق النظام وتنفذ القانون.
لكن المذكورين أعلاه صنف آخر من الكائنات العجيبة, يعتقدون أنهم ضد الخدش, وأن الدولة –كلها- مسخرة لرعايتهم وخدمتهم, والتغاضي عن أخطائهم.. وتجاوزاتهم.
بشر ليسوا منا ولم يكونوا يوما مثلنا, يعيشون على الهنجمة والكبر والعناد, يروق لهم تحدي العباد, وإهانة البلاد, لم يعتبروا ولم يعقلوا جبلوا على الدلال.. والغرور. ولا رحم الله من كان السبب¿
ومشاكلهم التي لا تنتهي.. وهفواتهم التي لا تختفي, يحلونها خارج نطاق القانون, وبعيدا عن مؤسسات الدولة, تارة بالأثوار الأثيوبية, وتارة بالبنادق الروسية, وفي مرات عديدة بالتضحية حتى آخر مرافق من أبناء الريف الطيبين.
وليش الخسارة, وضياع الوقت, وكأن قضايا الأمن قد حلت, وتحدياته العصيبة ذهبت, وشهدائه الذين يتساقطون كل يوم دفنوا, والطرقات أمنت.. والكهرباء عادت وسطعت.
يا وزير الداخلية خليك في حالك.. واحدة.. واحدة, ولاشي بالمجان كالنصيحة إذا تضارب -الأعفاط- فـ إياك ثم إياك أن تفرع بينهم أو تشكل لجنة ترد السلام عليهم.
ثم عاد اللجان الأمنية التي شكلها من سبقوك لم تنجز مهامها.. ولم تقدم تقاريرها.. إننا نحبك ونشفق عليك, ولا نرغب للمزايدين بجوارك أن يجروك إلى حيث لا نرغب أن نراك.
ويا حضرات المدعوين ابعدوا مسافة مائة متر عن صالات الأعراس الكبيرة, فإن فيها.. وعلى مداخلها ما يحرق العاصمة وضواحيها.. من رصاص.. فالت.. وكاتم وصامت.
وأفراح أكثر.. وحروب أقل.. يا شعب اليمن الصبور ودام الله الأفراح.. والسرور.

قد يعجبك ايضا