عجز الموازنة .. وعجز المرحلة عن اتخاذ معالجات..

عبدالله دوبله


لماذا يكون الذهاب إلى الانتخابات في أقرب وقت هو مفتاح الحل.. 2ـ3

> هناك ما هو أخطر من كل التحديات السياسية والأمنية التي تمر بها اليمن الآن والتي يمكن معالجتها من خلال إجراءات طويلة الأمد فالخطر الاقتصادي الراهن الذي يتهدد الخزينة العامة بالإفلاس ومعها البلد بالانهيار هو لا يحتمل التأجيل والانتظار..
فإما أن تجد الحكومة حلا لسد العجز الحاصل في الموازنة العامة للدولة والناتج عن تناقص الإيرادات المالية المعتمدة بشكل رئيسي على الموارد النفطية التي تتعرض أنابيب تصديرها للتفجيرات المتكررة وإما أن تعلن الحكومة إفلاسها وعدم قدرتها على استيراد المشتقات النفطية في الأشهر القليلة القادمة كما أعلن ذلك وزير المالية وربما لاحقا العجز عن دوافع الرواتب أيضا.
حديث صخر الوجيه عن الخيارات العاجلة المتاحة أمامه كان صريحا وشجاعا في كشف الحقيقة كما هي غير أن الحكومة الوفاق لم تكن بذات القدر من الشجاعة وقد تراجعت عما كان قد صرح به دون أن تقول ما هي الحلول الأخرى المتاحة أمامها غير ما كان قد أعلنه الوزير.. كان ذلك مرضيا على ما يبدو لمناهضي سياسات “الجرع” الاسم الشعبي لسياسات رفع الدعم عن السلع إلا أنه في الحقيقة لا يحل المشكلة فهو يؤجل الحديث عنها لبعض الوقت ليس إلا.
فالحقيقة هي أن هناك عجزا في الموارد المالية للدولة والتي لن تغطي في الأشهر القليلة القادمة حاجة ما تستورده البلاد من مشتقات نفطية وربما لن تغطي دفع الرواتب أيضا ولا أحد يقول ما هو الحل.
خيارات صخر الوجيه العاجلة كانت ثلاثة رفع الدعم عن المشتقات النفطية طبع العملة بدون غطاء التوقف عن البرنامج الاستثماري للحكومة وجميعها خيارات صعبة بحسب الوجيه نفسه. يمكن القول إن الخيار الأول يمكن استبعاده تماما فالحكومة لن تجازف برفع الدعم عن المشتقات النفطية في الظروف الراهنة وفي ظل الاحتقان الشعبي من الجرع والخيار الثاني هو كارثي فطبع العملة بدون غطاء هو مشكلة أكثر من كونه حلا يمكن استبعاد هذا الخيار أيضا والخيار الثالث التوقف عن البرنامج الاستثماري وهو ما يمكن توقعه إلا أنه بحسب الخبراء لن يكون أكثر من خيار مؤقت قبل أن تعاود المشكلة في الظهور مرة أخرى.
لكن. هل هناك من خيارات عاجلة أخرى¿! يبدو هنا خيار تلقي المنح والقروض من المانحين خيارا مفضلا وتعول عليه الحكومة كثيرا لسد العجز في الموازنة إلا أن هذا الخيار غير مضمون فالمانحون يرفضون مواصلة تقديم الدعم ومؤخرا رفضت عواصم خليجية تقديم شحنات نفطية وإن بالدين فالأمر برمته تحسمه إرادة المانحين ورغبتهم لا رغبة الحكومة اليمنية. وإن تم تقديم بعض الدعم فهو لن يكون أكثر من حل مؤقت قبل أن تعاود المشكلة في الظهور مرة أخرى.
هناك من يطرح برنامجا للإصلاح الاقتصادي الشامل يقوم على التقشف والحد من الفساد وتوسيع الموارد غير النفطية والتقليل من الاعتماد على الديزل في توليد الكهرباء الذي يستهلك أكثر من الثلث من المشتقات النفطية المستوردة والمدعومة. إلا أن السؤال هو: هل يبدو مثل هذا البرنامج حلا عاجلا للأزمة التي لا تحتمل الحلول طويلة الأمد¿!. والسؤال الأهم هو: هل تبدو حكومة الوفاق الحالية حكومة قادرة على تنفيذ مثل هذا البرنامج¿!. في تقديري لا تبدو الحكومة الحالية قادرة على تنفيذ برنامج مشابه فهي بطبيعتها التوافقية أعجز ما تكون عن القدرة في تنفيذ برنامج اقتصادي مماثل. وفي ذلك مشكلة إضافية للمشكلة الناتجة عن العجز الحاد في الموارد فأخطر من أزمة اقتصادية هو العجز عن معالجتها.
ولنبدأ من الخيار الأول والذي هو التقشف وهذا ممكن من خلال تقليص موازنات الوزارات المختلفة إلا أن هذا كم حجمه إن لم يتوقف الفساد فالحد من الفساد خيار غير ممكن على المدى القريب في ظل حكومة توافقية تعمل فيها الوزارات والمؤسسات كجزر معزولة عن بعضها وأي مسألة لوزير ستجد من يقف ضدها تحت حجة التوافق. وتنمية الموارد غير النفطية هل تبدو خيارا عاجلا¿ والأهم هل تبدو خيارا مقبولا على المستوى الشعبي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد¿. والتقليل من الاعتماد على الديزل في توليد الكهرباء لا يعني غير ساعات أكثر من الانقطاعات الكهربائية في ظل صعوبة توفير البديل على المدى الزمني القريب والأهم هل يبدو هذا الخيار مقبول شعبيا في ظل الأزمة الراهنة في الكهرباء¿!.
قد تجد الحكومة حلا معينا للأزمة ربما على شكل منحة إسعافية خارجية تتجاوز بها العجز للشهور القليلة القادمة إلا أن ذلك لن يكون أكثر من حل مؤقت قبل أن تعاود الأزمة بشبحها مرة أخرى. فالأمر يتطلب لما هو أكثر من الحلول العاجلة إلا أن ذلك الحل يحتاج لغير حكومة الوفاق الراهنة أيضا. فبقاء هذه الحكومة وبقاء المرحلة الانتقالية الراهنة واستمرارهما لفترة أطولهو بقاء لهذه الأزمة

قد يعجبك ايضا