إخفاق
محمد المساح

هذا.. الرجل شاب قبل الأوان.. وأوغل في متاهات الأيام وهي تتفالت مثل “البعر” من شجرة علب هرمة وحتى لا يفوته العمر.. إحترف كسر النواة اليابسة للبعار.. ليتمكن من جمع”الشويب” في أحقاق الكبريت الفارغة.. ليتوسلها في الليالي الحالكات.. إكسيرا للحياة وفي الغدرة كان يتحسس تلك الأحقاق فيلقاها فارغة.. تصيبه حالات اليائس والقنوط.. ويكتشف بعد تفكير مضن.. أن العكابر غافلته وقرطت عليه الشويب وعلى حين غفله.. يجمع بعدها إخفاقات العمر والأيام الهاربة.. يتعجل الاقتراب من حافة القبر.. لكن ما يتمناه لم يكن يأتي.
ويعود يجمع في ذهنه المتداعي نتفا من بوارق الحياة التي مضت يجهد نفسه كثيرا.. ربما يتذكر على الأقل جزئيات صغيرة متناهية في الصغر.. عله يريح النفس.. إن زمانا مضى كان في طياته بعض من العزاء يقلب ما استطاع ويحفر في أعماق الذاكرة ويصل إلى قناعة مجرد عابر لم تعرف حواسه خلال عمره الهارب كيف تتذوق الحياة. كان موجودا كصورة مجرد صورة فقط.. حواس خاملة.. وجهد أخرق ظل يكرسه في تجميع الشويب.. وكانت المحصلة إكسيرا التهمته العكابر.. وهو في غفواته الساهية في دورة زمن ذهب ولن يعود.