الداخلية ومعيار الكفاءة.. خطوة مبشöرة
محمد محمد إبراهيم
من المتعارف عليه فيما يتعلق بمنصب وزير الداخلية أن الذي يقبض بزمام هذه الحقيبة دائما يكون شخصية معروفة ومشهورة في السلك الوظيفي الأمني أو العسكري لكن هذه المرة تغيرت المعادلة فجاء على قمة هرم الجهاز الأمني للبلاد شخصية جديدة وشابة لم يسبق لها أن تولت حقائب وزارية بقدر ما تدرجت في هيكل العمل الإداري الوسيط وحظيت بالثقة لما في ملامحها من روح المبادرة والعقل المفكر بذاته لا بإيحاء من غيره ولما تتمتع به هذه الشخصية من الإخلاص الوظيفي وغيرها من السمات التي ما توفرت في شخصية مسؤولة إلا كانت مكسبا لوطنه وليس لحزبه فقط..
لقد أصابت القيادة السياسية ممثلة بالمشير عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- بتعيين وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب هدف تشبيب العمل الإداري لأهم أجهزة الدولة.. إذ جاء هذا التعيين بعد ما ساءت الأمور إلى درجة أججت الحساسية السياسية واستفحل جدلها حول الولاء الحزبي لمن يمسك بهذه الحقيبة واندرج هذا الجدل على الحقائب التي تمسكها الأحزاب الأخرى..
وما يميز هذا التعيين هو أنه عكس حرص القيادة السياسية على أن لا يكون التقاسم هو ثغرة للضعف في القرار السيادي ووسيلة الأحزاب للضغúط على الدولة دون النظر من زاوية الحماس والولاء الوطنيين اللذين يشكلان دعامتي نجاح الوفاق في هذه المرحلة وهو ما سجل الترب أولى دلالته بخطوة المفاضلة واعتماد الكفاءة كمعيار التعيين الوظيفي والتغيير الإداري..
صحيح أن الخبرة تلعب دورا محوريا جسيما في الإمساك بمفاصل أمن البلاد عبر هذه الحقيبة لكن الأهم من ذلك هو تجديد روح الإدارة في مسارات العمل الأمني وفق دماء جديدة يلهمها الابتكار إلى طرق حديثة للتغيير السليم المعول عليه كسر حدة الرؤية المعتمة- كانعكاس واقعي لما يسمى بـ”حكومة التقاسم” أو “الوفاق”- لدى قاعدة عريضة من النخب السياسية والفكرية وفضلا عن الشعب..
لقد سجل الشاب المتحمس والحركي وزير الداخلية بادرة جيدة خلقت ارتياحا واسعا لدى الأمنيين أنفسهم وبما يعكس خروجهم من مربع الغبن السياسي الذي يعقب كل تعيين إداري متوسط في أي وزارة أو هيئة أو مؤسسة يأتي على رأس هرمها مسؤول جديد دفعت به ظروف الزمن السياسي القائم على التقاسم – الوفاق كما يسميه اليمنيون- إضافة إلى ذلك أن هذه الخطوة خلقت ارتياحا كبيرا لدى نخبوية المجتمع..
ورغم ما تعانيه البلاد من اختلالات أمنية شوهت الصورة الذهنية للدولة وأدخلتها في مربع الارتعاش المستمر إلا أن ما عمله وزير الداخلية من إجراء إداري علمي بحت يغلب الكفاءة وليس الحظ والمعرفة والولاء الحزبي خطوة عززت الأمل بتجاوز محك الإقصاء وهي بذلك ستمثل قصب السبق الإداري لوزارة الداخلية في كل دوائر وأجهزة الدولة خصوصا إذا كشفت الأيام نهضة في العمل الإداري في مكامن التغيير واتضح لمن لم يزل في ريبة منها سلامة هذه الوسيلة الرائدة على مستوى الوزارة من ثغرات الحسابات السياسية الضيقة لأن الأهم في هذا السبق هو ما سيترتب على هذا الإجراء السليم من نتائج أمنية أفضل..
نقطة نظام
الأحرى بالإعلام الرسمي أن ينأى بنفسه عن الجدل السياسي وإقحام السياسة والعصبية الحزبية في مسار رسالة الوفاق في هذه الظروف الصعبة وأن لا تتحول قنواته إلى منابر لبيانات جاءت في لحظة نزغ سياسي خارجة عن الوفاق كما أن على حكومة الوفاق أن تدرك أن مهمتها ترميم التصدعات التي حصلت في مسار العمل الوطني وفق عمل إداري حازم يلتزم لوائح العمل الإداري ولا يعمد إلى إصدار البيانات.. فلا يوجد حكومة في العالم تصدر بيانات إدانة لمسؤوليها ومن يقعون تحت لوائح نظمها الإدارية.