سميح القاسم.. والراهن “2”
محمد المساح
قميصك أم جسدك الحي¿ سيان.. أدخلك الله في التحربة.. وأدخلك الله في التجربة.. وطوق النجاة قريب بعيد.. وأنت شريد طريد وربطة عنقك أنشوطة المشنقة وكل القضاة أدانوك.. فالجأ إلى حكم أفكارك المسبقة.. ومتراس خانتك الضيقة.. وحيدا حزينا تسافر في رحلة نادرة وتسقط طائرة في الهزيع الأخير من الليل ركابها يسلمون جميعا وينجو من الموت طاقمها أنت وحدك موتا تموت تحوم الملائكة البيض حولك.. مشفقة.. تستغيث بها.. لا ترد.. وتمضي إلى شأنها تتساءل في سر موتك.. لكن لماذا أنا دون غيري أموت¿ وتهمس أعماقك الخاسرة.. لأنك شخص غريب على هذه الطائرة ولم تعرف الطائرة وما أنت فيها ولست عليها سوى ذرة في المدى العابرة لأنك شيء بلا اصرة.. بعيدا على مقربة وأدخلك الله في التجربة وحيدا حزينا.
يقول صغار الرواة: أصابتك بالعين نورية تائهة وتروي الأساطير أنك أقلقت قيلولة الآلهة وأغضبت حاكمك العسكري وأنت صبي بصرخة حرية تافهة.. يقول الرواة: وتروي الأساطير اصغ ولا تصغ.. كل الممرات تفضي إلى البيت.. والبيت يفضي إلى السجن.. السجن يفضي إلى القبر لكن نورية الباب عمياء..كيف تصيبك بالعين¿ والباب ظل كما كان من قبل أن تقرع الباب.. لا.. لا تصدق كلام الرواة ولا ما تقول الأساطير.. أنت ولدت من الحزن.. في الحزن.. للحزن.. أنت ولدت لتمكث في الأرض لكن لتمكث فيها قليلا حزينا أشد من الحزن حزنا.. أشد من الماء حزنا.. أشد من الرمال حزنا.. أشد من النخل خزنا وأدخلك الله في التجربة أشد من الرمل والنخل والحزن والموت حزنا بعيدا.. على مقربة.