نحن من يصنع الطغاة …!!
عبد الرحمن بجاش
بين أوراقي المنسية لا تزال مقالة صلاح عيسى يوم أن كان مديرا لتحرير الأهالي ( رابطة صناع الطغاة ) راقدة ..ذات صباح تخاطف من يقرأون تلك المقالة واحتفظ بها كثيرون وأنا احدهم , لا تزال مقالته يتأكد مضمونها يوميا في زمن نتحدث فيه عن ( ديمقراطية) وفي أعماقنا وبيوتنا وتربيتنا يقبع طاغية صغير نحن نصنعه بتخلفنا !! , وفي مقالة افتتاحية كان يكتبها الكبير احمد بهاء الدين رحمه الله في مجلة(( المستقبل)) التي كان يصدرها نبيل خوري من باريس , يقول بهاء: كنت كلما ضاقت بي القاهرة اذهب إلى الخرطوم أعبئ ما استطيع من سماحة السودانيين وأعود , كتب يومها عن الشاب جعفر النميري الذي لف واحد مناضلي السودان يبحثون عنه في أقسام الشرطة ( لنلتقي شابا مؤدبا هادئا قدمه إلى صديقي : الأخ جعفر النميري أحد شباب الحركة الوطنية , فلم اكترث ) , انتهى الأمر به كما قال بهاء وسمعنا وقرأنا وعلمنا اميرا للمؤمنين !!, وفاء دعبول وهو صحفي لبناني حكى لي : كنت في الخرطوم وقد طلبت موعدا مع الرئيس نميري لحوار لمجلة الوطن العربي, وكان يصدرها وليد ابو ظهر من باريس , فحدد لي الموعد , وكنت في الساعة والدقيقة عند مدير مكتبه الذي استبقاني حتى يفرغ ( سيادة الرئيس) ممن لديه , ليفتح الباب فجأة عن اثنين يجريان وراء بعض , وأنا تشوقا – يقول دعبول – أطللت على الممر حيث لحق الأخير بالأول ولم اصدق انه يضربه , لاحس يدا تربت على كتف ( ما في شي يا زول هذا أمير المؤمنين يربي احد الوزراء ) , – العهدة في هذا على دعبول – , قال عدت لملمت أوراقي في ما عاد أمير المؤمنين وتبعه الرجل الهادىء لأهرب أنا !! , وانظر فعلى المستوى المحلي فلن نعدد الأمثلة إذ أن التزكية التي تذهب وتعود في اتحاد كرة القدم تكفي إذ تؤدي إلى النتيجة التي نحن بصددها على كل المستويات !! , تزكيه وشوية هتيفه يكتبون برداءة منقطعة النظير فيأتي شيخ, أو تاجر سلاح ويتولى اتحاد الكرة ومن الصباح التالي نلعن اللحظة التي ينهزم فيها المنتخب !!, والخطأ ليس خطأ آخر الشيوخ بل هي وهو نتيجة للحظة التي صرخ فيها عبده جحيش من مسؤولي الدولة حين يتولون ادارة الأندية ليذهبوا ويأتي المشائخ من كل شاكلة ولون مدججين إلى الملاعب بالمرافقين والاوراق الخضراء وانواع السلاح !! وقلك يشتوا كره يا عم فكري ……في الجاهلية كان كفار قريش يصنعون أصنامهم من التمور , ويعبدونها , وحين يجوعون يأكلونها , في هذا الزمن نصنع الأصنام من كل أنواع الحلويات , والفرق بيننا وكفار قريش أنهم أكلوا أصنامهم , بينما أصنام هذا الزمان تأكلنا !!…..لا تنسوا الحديث سواء كان صحيحا أو ضعيفا ( كيفما تكونوا يولى عليكم ) ..