صبر ممل
حسين محمد ناصر
• هناك من يقول أن الفترة التي أعقبت اختتام مؤتمر الحوار الوطني وحتى اليوم كان يجب أن تشهد البلاد فيها كثيرا من الإجراءات والقرارات التي تعكس الكثير من مخرجات الحوار وتعطي أملا للمواطن أن العجلة الجديدة قد بدأت تدور إلى الأمام وأن الإرادة السياسية (يفترض أن تكون جديدة أيضا) قد استلهمت تطلعات المواطن وآماله وهمومه الكبيرة وأخذت تتعامل معها باهتمام وحسم لما يحقق أهداف التغيير الذي طالب به وسمع به ثم لم ير فعلا ملموسا يؤكده على الواقع.
ويقول هذا البعض إن إجراءات مثل إحداث تغييرات على صعيد الوظيفة العامة في المحافظات والوزارات والمديريات لا تستحق الانتظار حتى كتابة دستور جديد للبلاد وكذلك الأمر بالنسبة لأشياء وعادات قديمة أزكمت أنف المواطن كثيرا وجعلته أسيرا لتبعاتها ومردوداتها السلبية. وهي أرث تعاقبت عليه الأجيال بصورة مستكينة وذليلة أفرزته ثقافة إقطاعية موغلة بالتخلف والرجعية. ولم تستطع الثورة اليمنية خاصة في الشمال الاقتراب منه وملامسته بغية القضاء عليه أو في أدنى الآمال الحد من انتشاره وتوسعه في المجتمع بل إن بعض المتنفذين قد سعى لتسخير تلك المخلفات الرجعية وسيلة لتحقيق المصالح غير المشروعة وتثبيت سلطته ونفوذه في غفلة الناس. ونخص هناك بالتحديد الفئات التي ركبت على ظهور الشعب بمسميات اجتماعية مختلفة لا تكمن بمسمى (شيخ) ولكنها توالدت وانتشرت وأوضحت اليوم أحدى معوقات بناء المجتمع اليمني الجديد.
وإن مظاهر التقطع والنهب والاستغلال والرشوة والمحاباة في التعيين والتوظيف ومساهمة الدولة في تثبيت بعض العادات القبيحة والسيئة مثل الاحتكام العرفي والتهجر والمراضاة بالأموال والسيارات كلها ظواهر عقد من أجل القضاء عليها مؤتمر الحوار الوطني وجاءت مخرجاته للتنديد بممارستها والمطالبة بإجراءات جديدة تدفن هذه الممارسات إلى الأبد وتخلق نظرة حديثة في التعامل مع أسبابها وحيثياتها وتجفيف منابعها وتحاسب حسابا عسيرا كل من اتخذها مهنة للكسب وابتزاز الدولة وتعزيز نفوذه القبلي الإقطاعي.
كانت الفترة منذ انتهاء الحوار وحتى اليوم كفيلة بإحداث شيء من التغيير في عقول الناس باتجاه دفعهم للمشاركة الفعالة في بناء الوطن على أسس عصرية نحفظ لهم كرامتهم وتعزز من مشاركتهم الواسعة في كل عمليات النهوض الوطني لا بد من ترك المواطن يتخذ موقعا مذبذبا من ما يعتمل قربه في المديرية والمحافظة والوطن بشكل عام.
نريد إجراءات وقرارات تعيد ثقة المواطن بالدولة والحكومة ومسؤوليه التنفيذيين وأن التغير أصبح أمرا ممكنا ودون هذه الثقة فإن المواطن بالتأكيد سيجد نفسه بعد أن يرى حياته العامة ما زالت كما هي دون تقدم وتغير يحن إلى ما كان عليه من أمن نسبي ومعيشة لا ينقصها اختفاء في مواد أو زيادة في السعر.
المواطن ينتظر هزة مدروسة تخلخل الواقع إيجابيا وتضعه في طريق تنفيذ مخرجات الحوار فعلا وقولا وممارسة لا تنظيرا وخطابات حكومية لم ينزل ثمرها بعد إلى فم المواطن.