اليمن.. مواقيت الجمال والروعة..!!
المقالح عبدالكريم

كل ما حول الفنان وما يحيط به هو مصدر خصب..!
الصورة مرآة تلفت انتباهنا إلى الجمال كما تلفت انتباهنا إلى القبح..!¿
الفنان الغابري.. أدمن على مهرجانات الطبيعة وأعياد الكائنات.. حتى غدا اليمن عنده – مع كل رحلة تصوير جديدة – كتابا يعيد تصفحه بمجرد أن تقع لهفته على عنوانه..!
نظم الفنان الغابري ما لا يحصى من الرحلات التصويرية أبجدها في سبعة معارض شخصية وعلى نفقته الخاصة..!¿
الفنان الفوتوغرافي.. مثله مثل أي مبدع آخر: شاعر روائي موسيقي تشكيلي..إلخ.
الحياة المعاشة.. المحيط البيئي .. الموروث الثقافي.. كل هذه العوامل .. وغيرها تعد عنده ينبوعا ثر الإلهام.. وما عليه سوى التدقيق والاختيار..لكن ثمة صعوبة تواجه ممارس الفن البصري خاصة الفوتوغرافي.. فكل ما حوله وما يحيط به هو مصدر خصب.. يفيد من يقصده وينفع من ينهل منه..لكن المسألة برمتها تحددها معايير أولية على شاكلة: كيف يبدأ و من أين يبدأ..¿!
والأهم متى ولماذا ..¿¿!!
لنحصي شيئا من المتاح والممكن:
الاتجاه: مدينة – ريف
المكان: معمار – أوابد – بنى تحتية: رئيسية وترفيهية.
التفاصيل: سهول – وديان – بحار – شواطئ – صحاري – جبال – غابات – إلخ.
وبين ذلك كله وغيره: الإنسان وشتى نشاطاته المألوفة إضافة إلى الكائنات على اختلافها.
إجمالا.. إنه واقع خام تماما وهو ليس المطلوب بالدرجة الأولى.. إذ إن المطلوب أولا وأخيرا..جملة وتفصيلا:هو العلامة الفارقة.. الأهم.. الأروع.. الأندر.. الحجر الثمين..!!
البرهان..!
الماس النفيس ..لا جدوى منه عند استخراجه لأنه مشوه.. مخفي ومطمور ومحاط بأكداس وأكداس من الأتربة والشوائب العالقة به..يحتاج لكثير جهد ممهور بخليط صبر وفن وذائقة.. ليستطاع الوصول إليه من أجل تنظيفه وصقله.. ليشرق البريق وتكتمل القيمة فتغدو الجوهرة الأغلى جاهزة حقا للتمتع بها..وهو تماما ما يضعه نصب حاسته الإبداعية مصور محترف مثل الفنان عبدالرحمن الغابري و إلا ما كانت الصورة التحفة عنده «برهان للأشياء» كما صرح في حواره مع وديع العبسي ..مضيفا دلالة أعمق «الصورة مرآة تلفت انتباهنا إلى الجمال كما تلفت انتباهنا إلى القبح وفي كلا الحالتين تحرك فينا الرغبة إما نحو التأكيد على ما هو جميل أو انتقاد ما هو سيء» ولا يكتمل تعريف كهذا إلا مع إضاءة أخرى تتعلق بالوطن.. والذي يعتبره الغابري الفنان «لوحة جمالية ينبغي الحفاظ عليها من أية أعمال تشوه هذا الجمال».
المهرجانات..!
هكذا إذن.. إنه مشوار عطاء إبداعي حافل يمتد إلى مسافات تربو على العقود الأربعة.. زركشها بالمدهش والمثير من اللآلئ الفريدة خلال رحلاته التصويرية التي ينفذها بين حين وآخر.. يتجلى فيها منتهى الفن على أجزاء في هيئة جواهر منتقاة تتفاوت في ألوانها وأشكالها وزخارفها وسنا إشراقها وستفعل فيك مفعولها ستشرق وتغرب بك في أنحاء هذه “البلدة الطيبة” ستطوف مع تنويعاتها “أرض الجنتين” من أقصى صحرائها شمالا إلى أقصاها شرقا وما بين البحرين غربا وجنوبا على قمم الجبال داخل الوديان ووسط القيعان قريبا جدا من الغابات والأنهار والعيون بعيدا غب التاريخ وسط القلاع والحصون وما جهل أو عرف من أثار وأوابد عميقا في قلب بدائع الجزائر اليمنيات..!
لقد حفظ الوطن همسة همسة وغمزة ولمسة.. عشق كل ما فيه.. أدمن على مهرجانات الطبيعة وأعياد الكائنات حتى غدا اليمن عنده مع كل رحلة تصوير جديدة – كتابا يعيد تصفحه بمجرد أن تقع لهفته على عنوانه وهو كتاب غير كل الكتب فمع كل موعد جديد في جهة أخرى مألوفة تجده يدخل مجددا مغامرة اكتشاف مذهلة المقاييس..!
تقديسه للروعة.. تبجيله للجمال.. تواضعه إجلالا للبهاء.. يجعله زائرا مبتدئا ويطبع جولته التصويرية بطابع التهيب فتراه يمارس لحظاته – ولحظاتها كذلك – وكأنها أولاه وتكون النتائج النهائية مرضية مبهرة لا بل أكثر.. سلسلة مفاجآت غير متوقعة له : جواهر جداد كنوز بكر يضيفها إلى ألبومه الشاسع الجودة والفرادة كما وكيفا..!!
القناص..!¿
مع الغابري الفنان تجري الأنحاء على نحو مختلف عن غيره من المصورين للمشهد – ما كان – شروطا ومعايير لا بد من توفرها حتى تكتمل الذروة وهكذا وما إن يصل إلى المكان المستهدف حتى يستعد له كليا يهيئ جوارحه كلها وهو يقف على ضفاف المكان يتمتم مفاتنه أولا بشكل موجز.. تماما كما نطالع فهرس أحد الكتب الجديدة ثم في ميقات محدد سلفا تجده ينقل خطواته بهمس متيم مأسور اللب لحظة تغنيه بمعبودته.. يتأمل حوله وحواليه متيقظة حواسه حد الإصغاء.. كاميرته في يده وأصبعه على زر الفلاش.. يدور بحذر وترقب قناص مح