محمد عبدالولي.. تذكير
محمد المساح
الطريق يتلوى كالأفعى والشمس تختفي خلف سحابة سوداء.. ورذاذ بسيط يتساقط.. السيارة تنطلق مسرعة وهي تتلوى مع الطريق بألم.
كنا اثنان والصمت ثالثنا منذ أن غادرنا صنعاء بعد ظهر يوم كئيب تهطل الأمطار فيه منذ الصباح وها هي السحب هنا فوق الطريق تنذر بالسيل. السيارة صغيرة وسريعة والطريق طويل والجبال تحيط بنا من كل جانب.. ولن ينبسط الطريق إلا بعد أن نتعدى “باب الناقة ونستقبل تهامة الرحيبة”.
مفتتح قصة “شيء اسمه الحنين” وقد وقفت طويلا عند قصة “لون المطر” عنوان مميز طريف وقصة أستطيع أن أضعها في “مهرجان القصة العربية الذي أقمته في ذلك الحين خلال ميكروفون “صوت العرب” أقدم فيه كل يوم قصة لوحد من أعلام كتابها في الوطن العربي وهكذا وضعت اسمه بين قائمة تضم محمود تيمور من مصر والطيب صالح من السودان وعبدالسلام العجيلي من سوريا وأحمد الفقيه من ليبيا ومحمد المرزوقي من تونس ومضت سنوات.. وألتقينا وكان اللقاء من خلال الصديق “عبدالعزيز المقالح” نافذتي التي أطللت منها على اليمن: حضارة وحاضرا فكرا وثقافة أدبا وفنا وكان اللقاء ثريا.. مضت بنا السيارة بجوار النيل إلى المعادي ومحمد عبدالولي يروي لنا بطريقته القصصية ذكرياته عن مدرسته الثانوية والمكتبة والندوات الأدبية.. وعندما واصلنا السير إلى “حلوان” تابع حديثه عن دراسته في موسكو وحياته فيها وكان لا بد أن نتطرق في كلامنا إلى الأدب السوفيتي والقصة القصيرة عامة وقصص تشيكوف بصفة خاصة وكان يتحدث عن دراسة وخبرة ومعايشة لذلك بهرنا وشدنا طيلة ساعات طوال أمتعنا خلالها كثيرا ولست أنسى يده وهي ترتفع لتشير إلى المكتبة العتيقة في حلوان.
هنا تعرفت على “تشيكوف” و”جوركي” وديستوفيسكي وعلى نجيب محفوظ وعبدالحليم عبدالله و”باكثير” وقضيت معهم أشهى وأمتع لحظات العمر عبدالتواب يوسف.. في مقدمة “المجموعة شيء اسمه الحنين”..
– طيب على الأقل نشتي نعرف القصة.
– أيوه والله أيش القصة
– أيش عرفنا ما دام ما فيش.. صوت
– ولا ترجمة
– من منكم عرف¿ من منكم عرف
كانت الأصوات تخفت أكثر وأكثر صغير ضعيف واحتجاج أضعف والفيلم مستمر صوت بلا صورة وصورة بلا صوت ولا ترابط بين الصوت والصورة أو الصورة التي بعدها وعندما شاهدوا كلمة النهاية عرفوها جميعا.
وأضيئت الأنوار ولم تنطفئ من جديد.
نهاية قصة “سينما طفي لصي”.