الأقلمة.. التنمية مضمار سöباق 3-3

محمد محمد إبراهيم

 - لا يحتمل واقع اليمن التنموي ووضع المواطن المعيشي مسألة التسويف إلى حين تقاسم السلطة في إطار الأقاليم بل يدرك كل يمني ما تتطلبه معيشة الناس في عمق جغرافيا تتقاسم
لا يحتمل واقع اليمن التنموي ووضع المواطن المعيشي مسألة التسويف إلى حين تقاسم السلطة في إطار الأقاليم بل يدرك كل يمني ما تتطلبه معيشة الناس في عمق جغرافيا تتقاسم قسوتها وفقرها تجمعات سكانية يعيش الغالب منها في ظل واقع مرير ابتداء من غياب مشروع الماء الصالح للشرب ومرورا بالوحدة الصحية والمدرسة والطريق الذي يربط منافي القرى بحواضر ومراكز الأقاليم ومشاريع أخرى تخدم الزراعة ويلامسها كل فرد في المجتمع الفقير أغلبه لأدنى مستويات الحياة الكفاف إذ لم يشهد هذا المجتمع منذ زمن طويل على الخارطة اليمنية سوى صراع قوى المال والنفوذ على مراكز ومفاصل السلطة مهمشا الأطراف إلا من شظايا هذا الصراع..
جوهر الرسالة الأهم في هذا المقام أن الأقاليم اليمنية توزيع إداري ليتنفس الجميع من رئة العدالة التنموية لا سياسي أو سيادي أو سلطوي يوصل الصراع للقرى ويعيد الذاكرة إلى شبح الموت والغدر في المناطق الوسطى في ثمانينات القرن الماضي وما قبلها من عهود السلطنات والأبهات قبل وبعد رحيل المستعمر.. كما أن الأقاليم مسؤولية تنموية وليست مغنما وظيفيا ماديا ومن يقبل بالمنصب في إدارة الموارد عليه أن لا يتهرب من مسؤوليته التنموية كي لا يعيد اليمن إلى نفس واقع الفاقة والكفاف والعيش على الأمل والجدل السياسي..
ولعل هذا هو التوصيف الواقعي لخطوة القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية – في توزيع اليمن إداريا على ستة أقاليم كحل أمثل يتلاءم مع المرحلة المتخمة بحقائق الصراع الذي غيب التنمية وقتل فرص بناء الدولة منتجا واقعا من العوز المزمن والرجاء الدائم وهو الواقع الذي لا يدع للقوى السياسية أو أي قوى – لا ترى إلا نفسها ومصالحها في مرآة الحال اليمني- مجالا للهروب من مواجهة تبعاته عبر كيل الأعذار الكيدية وتحميل الماضي ما ليس ينفع ولا يجدي للحاضر والمستقبل..
كما أن هذا الخلل والفقر والنقص التنموي غير الطبيعي- في بلد كان له حضارة بناها إنسان أصيل قهر الطبيعة وصان الهوية اليمنية الواحدة- هو مضمار السباق المنطقي لكل من وجد في نفسه طموحا للوصل إلى السلطة التي لا تعني أكثر من مسؤولية سد هذا الخلل والفقر التنموي.. كما أنه الميدان الحقيقي الذي يتطلب من كل القوى السياسية والعقول المستنيرة والإدارية وأفواج الطاقات البشرية أن تتنافس على شرف النجاح في إيجاد مقومات النماء الإنساني في المناطق النائية والحضرية ومراكز الأقاليم وفي هذا فليتنافس الوطنيون..
إن بلدا كاليمن تتشكل دولته الآن كنظام اتحادي أقاليمي في مجتمع جمهوري وليس سلطانيا وراثيا لن يكتب له النجاح ما لم يدرك ساسته ومحركو شارعه وجماهيره أن الأقلمة مسؤولية تنموية وأمنية تنافسية وليست شعارا يردده الساسة والهاربون من مسؤولياتهم الوطنية إما إلى الماضي ليحكمنا الأموات أو إلى المستقبل فيحكمنا الأمل والخطابات والشعارات فاليمن اليوم أمام نقطة تحول تاريخية دقيقة بظرف زمني متخم بتجاذبات الواقع الاقليمي التي تعيد الذاكرة لأكثر من عشرين عاما لا يزال اليمن يدفع ثمن تهوره ونقطة تبدل خطيرة بإعلام فتنوي لا يعكس الوفاق في حين يراقب العالم بإمعان تعاطي اليمنيين مع مجريات ما بعد الحوار الوطني المدعوم بقرار أممي أجمعت القوى السياسية– وإن تناكفت في خطابها– بأنه إيجابي ويصب في مصلحة اليمنيين…
إن المرحلة الراهنة توجب على كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تقف إلى جانب القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية – للوصول إلى اليمن الاتحادي التنافسي والديمقراطي كما توجöب على من يقدمون أنفسهم كصف مستنير يحمل مسؤولية الخطاب السياسي والإعلامي لتلك القوى أن يقطعوا حبال الماضي بتحفيز الخطط التنموية في الحاضر وأن يتركوا المكايدات السياسية واستنهاض قوة الدولة الآن بتهويل التحديات الحتمية لمحاولة إقحامها في حروب جديدة لا تزيد اليمنيين إلا خسرانا..
كما أن على الجمع السياسي أن يعي جيدا أن الذهاب إلى غير التنمية التعلمية والتأهيلية والصحية والثقافية والبنيوية وتشجيع الاستثمار والمستثمرين والانتصار لخساراتهم المتوالية عبر تحسين البيئة الاستثمارية وتأمينها في كل اليمن وإعادة حركة العجلة التنموية إلى مسارها الصحيح يعني بكل تأكيد فشل كل المشاريع السياسية الوطنية خصوصا إذا تحولت مراكز الأقاليم إلى صراع سلطوي يضرب عمق المجتمع اليمني تنمويا وأمنيا ويلطخ الحضر الريف بوعثاء السياسة وشلل الاقتصاد..

mi

قد يعجبك ايضا