المارقون
محمد العزيزي
ما أكثر ذوي النيات السيئة في هذا البلد وما أندر أولئك الذين يستشعرون آلام الناس ومعاناتهم لقد تحول أكثرهم إلى جرافات وناهبين للمال العام في السلم والحرب هؤلاء الذين نعاني منهم دمروا الوطن والمواطن بلهثهم وراء الغنى والثراء .. وأهملوا أعمالهم الأساسية وتحولوا إما إلى سماسرة ومقاولين مباشرين أو من الباطن أو تحويل وزاراتهم ومؤسساتهم إلى محميات أسرية لا يجوز الاقتراب منها . سفهاء الإدارة في بلادنا الذين استفادوا في الحقيقة من كل الظروف والأزمات والأحوال وظلوا ينفخون في كير المحن والمشاكل حتى ينشغل الآخرون بهذه العواصف والمنعطفات ويخلو لهم الجو في تسخير الإمكانيات العامة لخدمته لتمكنه من القفز إلى مراتب الأثرياء والثراء الفاحش وأوصلوا البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم من تناحر وكره وبغضاء وحقد كل منها على الآخر . .وبالتالي فنحن وأغلب الشعب ننادي ونطالب ونندد بالفساد والمفسدين ومن يقف وأراءهم لأن المنصب الحكومي لم يكن يوما من الأيام حكرا على فئة أومجموعة من الناس وليس أيضا إرثا لقبيلة أو حزب أو شخص كما أنه ليس شركة خاصة أو مساهمة فمن يقصر في عمله ولم يجد من يحاسبه ويردعه ويعيده إلى الصواب سيأتي الأخر ومن يليه من بعده على نفس النهج والدرب لأسلافه وهنا لن تجد أحدا يخلص في عمله .
ولذا فان التصحيح الذي ننشده جميعا لن يكون على أيادي أؤلئك الذين يتباكون على الوضع والحالة التي تمر بها البلاد من أزمة خانقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتنمويا .. خاصة وأننا نلاحظ من وقتا إلى أخر ظهور أناس يزمرون ويعزفون وينشدون أناشيد المقاومة والشرف في بعض الأحزاب والحزب الحاكم يتحينون الفرص للانقضاض على ما يمكن الحصول عليه والعجيب أن البعض ومنهم المطحونون من البسطاء والفقر يزمرون مع المزمرين .
المرحلة اليوم تحتاج إلى كل أبناء الوطن وفي مقدمتهم أؤلئك النزهاء والشرفاء وأصحاب الأيادي البيضاء لأنه لا يمكن أن نخرج من حالنا ومعضلاتنا إلا بتعاضد الجميع والنأي بأنفسنا وبلادنا من الأحقاد والنزوات التي ستعيدنا مرة أخرى إلى مربع الأزمات والصراعات ونحن في غنى عنها .