وداعا عبد الرحمن سيف نموذج للتسامح

عارف الدوش


 - رحل عن دنيانا الفانية الرفيق والصديق والزميل عبد الرحمن سيف إسماعيل الصحفي والكاتب والأديب الشاعر والسياسي الفريد من نوعه والحزبي العريق في تجربته النضالية الأربعاء الماضي عن عمر ناهز 59 عاما بعد معاناة مع مرض القلب وبعد مش

رحل عن دنيانا الفانية الرفيق والصديق والزميل عبد الرحمن سيف إسماعيل الصحفي والكاتب والأديب الشاعر والسياسي الفريد من نوعه والحزبي العريق في تجربته النضالية الأربعاء الماضي عن عمر ناهز 59 عاما بعد معاناة مع مرض القلب وبعد مشوار حياة حافل بالعطاء متعدد الأوجه غزير الدلالات مثمرا فكرا وسلوكا سياسيا وثقافة وشعرا وفلسفة ونضالا عنيدا وقدرة فائقة من نوع لا يصدق في مقاومة الاستكانة والإحباطات وتسامحا قل نضيره إلا لدى صاحب جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا .
لا أبالغ عندما أقول أن الفقيد الراحل مناضلا سياسيا عنيدا ومتسامحا متساميا شهما في الوقت نفسه إلى درجة لا تصدق وهو الذي عرف السجون والمعتقلات أربع مرات أكثرها زمنا وبشاعة في أساليب التعذيب كانت المرة الثانية أربع سنوات لمدة أربع سنوات متتالية قضاها متنقلا بين السجون العلنية والسرية وعنابرها الجماعية وزنزاناتها السرية
وطريقة اعتقاله وسجنه في المرات الأربع كانت تأخذ شكل الاختطاف لكن الاعتقال الثاني عام 1980م كان فوق ما يتصوره العقل وتقبله النفس السوية فقد تم نصب كمين له نفذه أربعون عسكريا في منطقة الطويلة بالمحويت واشيع يومها أنه قتل ونشرت صورته وهو في حالة إغماء ونضم له رفاقه حفل تأبين في الوقت الذي كان فيه يتلقى أبشع أنواع التعذيب والقهر الممنهج لمجرد أن له رأيا أخر مخالف للسلطة.
وأنت تقرأ سيرة الفقيد الراحل النضالية تقف أمام نموذج لا يتوفر من إعداده في هذا الوطن غير المتسامح غير المتسامي الذي لو أنصف فيه المظلومين والمقهورين بعدالة انتقالية وجبر ضرر لاستقام فيه ميزان العدل ولما تكررت المآسي فأمثال الفقيد الراحل المناضل العنيد والمتسامح المتسامي عبد الرحمن سيف إسماعيل هم نماذج القدوة ونكران الذات والعطاء بغير حدود دون من ولا أذى ولا نرجسية.
هم نماذج يرحلون بعد إهمال كبير وعدم الإلتفات إليهم لكنهم والفقيد عبد الرحمن سيف إسماعيل واحدا منهم إن لم يكون أهمهم مترفعون يتميزون بتواضع جم ونكران ذات وعزة نفس وصمت المتأملين فإن تحدثوا أو كتبوا فعن الناس الطيبين لا عنهم.
حتى يكون لما سبق من الكلام دليل لا يرد فإني أنقل رأيا إنسانيا عميق الدلالة في تسامح وتسامي الفقيد الراحل المناضل الوطني الكاتب الصحفي والشاعر الإنسان عبد الرحمن سيف إسماعيل فقد رد في إجاباته على أسئلة صحيفة المستقلة( يمنات المستقلة 20/7/ 2008م ) التي أعدت ملفا حول التعذيب في اليمن تبنته منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات التي يرأسها النائب البرلماني المستقل احمد سيف حاشد بكلام يوزن بالذهب فقد تم سؤاله عن شعوره وهو ينظر إلى من قاموا بتعذيبه وهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي وحول ما إذا طرح مشروعا للتسامح بشكل جاد
فقال المتسامح المتسامي : ((أنا أنظر إلى المسألة بأنها ظرف سياسي كان قائما وأعتقد أن هؤلاء الأشخاص ليس عليهم ذنب المشكلة الحقيقية أن هؤلاء الأشخاص ما زالوا يمارسون نفس السلوكيات كل واحد منهم لا زال يكتب التقرير نفس التقرير ويتعامل معك بنفس الطريقة.. أنا أرى أن أي مشروع للتصالح والتسامح يجب أن ينبع من رؤية وطنية شاملة لأنه لا يجوز أن يفكر كل ضحية بأن يأخذ حقه بيده فهذا يقودنا إلى كارثة. ونحن متسامحون بالفطرة لكن بالنسبة للسلطة يجب أن يكون التسامح مشروع رؤية وطنية رؤية إستراتيجية لمعالجة مشكلة الوطن )).
ما بين القوسين كلاما سيكتب بحروف من نور وسيظل شاهدا على أن هناك في اليمن أناس تساموا على جروحهم ممتلئون تسامحا هم يريدون فقط أن تكون هناك ضوابط بأن لا تتكرر المآسي وأن لا يعاد إنتاج الحماقات وممارسة الجرائم إنه مطلب بسيط وصغير وواضح ومن يقرأ ما قاله الفقيد سيجد فيه دلالات كثيرة ومعاني غزيرة فقط من يفهم وسيفهم وإن وجد من سيطبق وينفذ.
رحل الفقيد الصحفي والأديب والشاعر والمناضل السياسي القدوة عن دنيانا الفانية بعد معاناة مع مرض القلب ونحن نتحدث ونكتب ونزايد عن العدالة الانتقالية وجبر الضرر والاعتذار للضحايا والاهتمام بهم وبغير أن نرى فعلا ولو من باب وخز الضمير فقط فنحن نخدع أنفسنا
وأخيرا خالص العزاء لأسرة الفقيد ورفاقه ومحبيه الى جنة الخلد يا أبو سرمد و أرم وأمون و بينون نم قرير العين فقد سجلت موقفا لا يصدق في التسامح والتسامي والبقية على من ظلمك وسجنك وقيد حريتك وعذبك فإن أراد أن يموت راضيا فليفعل كما فعلت يعترف ويعتذر ويجبر الضرر ولو بعد حين والله المست

قد يعجبك ايضا