عن أدب الأطفال

د. عبد الرحمن عبد الخالق

 - 

أن تكتب للطفل يعني أن تكون على معرفة حقيقية بالطفل وبحاجاته النفسية غير مقتصر في معرفتك للخصائص النفسية واللغوية والعقلية والانفعالية لكل مرحلة عمرية بل مدركا
أن تكتب للطفل يعني أن تكون على معرفة حقيقية بالطفل وبحاجاته النفسية غير مقتصر في معرفتك للخصائص النفسية واللغوية والعقلية والانفعالية لكل مرحلة عمرية بل مدركا للفروق الفردية بين الأطفال ذوي السن الواحد وللفوارق البيئية/ الثقافية فما يعرفه طفل المدينة قد لا يعرفه طفل الريف والعكس صحيح والأمر نفسه للفوارق الطبقية والاجتماعية التي تجد انعكاسها في قدرات الأطفال وثقافتهم مثلا عادة ما يتيسر لأطفال الطبقة المتوسطة والعليا إمكانية التعامل مع التقنيات الحديثة مثل الكمبيوتر والانترنت وغير ذلك أو إجادتهم للغة أجنبية إلى جانب اللغة الأم.
وإذا لم يأخذ كاتب الأطفال هذه الأمور بعين الاهتمام فإنه لن يقدم للأطفال أدبا بل يضع حواجز ومطبات بينه وبين الطفل وعن ذلك عبر نعمان الهيتي بقوله: (المشكلة الكبرى التي تزعزع أدب الأطفال هي أننا نحن الكبار نكتبه أنه من وحي تخطيطنا وتنفيذنا وتصويرنا وتعبيرنا وفي أحيان كثيرة تكون حصائل تفكيرنا عبثا وفي أحيان أخرى تضليلا وتشويها).
الأمر الآخر أن كتاب القصة وأدب الأطفال إجمالا والنقاد والمنظرين كثيرا ما يركزون على مضمون العمل المقدم للطفل وعلى ما يحتويه من قيم تربوية وثقافية ومن معلومات غير ملتفتين البتة للقيم الجمالية في العمل الأدبي الموجه للطفل من لغة شفافة وبلاغة أخاذة تثير فيه الدهشة وتنمي لديه التذوق الجمالي. إن أجمل عوالم الطفل هو اللعب والضحك وذلك –أيضا- من أثمن حقوقه بعد حقه في الحياة. فتطور المعارف البشرية ونمو النزعة الديمقراطية والتقدم في مجال حقوق الإنسان بعامة حقوق الطفل بخاصة أدى إلى ظهور أدب موجه للأطفال لا يعني بالأمور التربوية والأخلاقية فحسب وإنما بالنواحي الجمالية والترفيهية أيضا, فلم يعد الطفل.
والمطلوب في هذا السياق – حسب أحمد نجيب- الموازنة بين القيم التربوية والتعليمية والقيم الأدبية/ الجمالية بحيث لا يتم التضحية بالاعتبارات التربوية والنفسية في سبيل تحقيق حبكة قصصية ممتازة أو في سبيل الوصول بالحدث المسرحي إلى قمة درامية مثيرة أو في سبيل خلق عنصر فكاهة أو عامل من عوامل التشويق.
إن التهوين بما يكتب للأطفال.. والتعامل مع الطفل بنظرة لا تراعي الخصائص اللغوية ولا النفسية ولا العقلية ولا الانفعالية.. والنظر إليه كرجل صغير غير مراعين لجملة هذه الخصائص يجعلنا نفقد التواصل مع الطفل على صعيد التعليم وما يقدم إليه من صنوف الإبداع.

أتمنى أن لا أكون مبالغا إن قلت إن ما يقدم للطفل من كتابات ومن أشكال كتابية فنية أخرى غثه أكثر من سمينة!
فأنى لنا أن نقدم لأطفالنا أدبا يشدهم ويرتفع بهم معرفيا وقيميا ويرتقي بتذوقهم الجمالي¿.. إنها مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا أفرادا ومؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات حكومية.

قد يعجبك ايضا