حضرموت العصية على المقامرين!
كتب/ المحرر السياسي
يوما بعد يوم تثبت محافظة حضرموت بوعي أبنائها الكرام أنها على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقيةوأنها في استطاعتها أن تقف سدا منيعا أمام دعوات المقامرين الذين حاولوا في الأيام الماضية أن يعزفوا على وتر المطالب المشروعة لأبناء المحافظة سعيا إلى إغراقها في الفوضى وإدخالها في دوامة العنف والتخريب لتحقيق غايات لا تخفى على كل لبيب!
حضرموت التاريخ وحضرموت العلم وحضرموت الثقافة وحضرموت الامتداد الحضاري والإنساني لا يمكن أن تخالف سجيتها وما جبلت عليه لا يمكن أن تتنكر حتى في لحظات الألم والخوف لجوهر تكوينها ونسيجها المسالم والبناء بل يستحيل عليها أن تكون إلا على الطريق المؤدي إلى مزيد من اللحمة الوطنية تحت راية اليمن الواحد مهما كانت المصاعب والتحديات التي تمر بها البلاد.
والمتأمل في تاريخ حضرموت يعلم جيدا كيف توصل أبناؤها ذات يوم بقناعة تامة إلى قطيعة كاملة مع ثقافة العنف وحمل السلاح سواء في تاريخها البعيد حين كسرت السيوف أوفي تاريخها الحديث حينما ألقت القبيلة الحضرمية بالسلاح إيمانا منها بأنه لا بديل عن وجود الدولة التي تتولى زمام الأمن وتفرض العدل والسلم الاجتماعي.
فهي مدنية متمدنة بطبعها واعتقادها وحضارية بسلوك أهلها وفهمهم لمعنى العيش العصامي والإنجاز الحياتي وهي في ظل ذلك حاضنة لكل من يقطنها بحب ورحابة صدر لأنها لا تعرف الكراهية ولا تؤمن بالانطواء على الذات وليس في أبجدية الشخصية الحضرمية نكران الآخر أو الضيق به وبفلسفتها هذه استطاع أبناؤها نشر الإسلام في أصقاع الأرض أكثر مما نشرته معارك الفتوحات الإسلامية أضعافا مضاعفة.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة التي عاشها الوطن وما شابها من قلاقل واضطراب كانت حضرموت وحدها الوجهة التي يأمن فيها الخائف ويستظل الملهوف وربما كانت هذه السجية التي ارتضتها حضرموت لنفسها نمطا للعيش والحياة هي التي أغرت عناصر الشر والإرهاب لتتسلل إليها معتقدة أنها ستكون لقمة سائغة يسهل السيطرة عليها وسلخها من الجسد اليمني.
وحضرموت الإنسان والفكر والفن والعطاء والمحبة ليست سهلة أيضا للزج بها في مصيدة المشاريع الضيقة التي يصر على الاحتماء بها والتباكي من أجلها بعض الأطراف الأنانية الخارجة على إرادة اليمنيين وهذا ما أثبته الحضارم في الأيام الماضية عندما وقفوا بقوة لإحباط مخططات هذه الأطراف التي استماتت دون جدوى من أجل ترويع حضرموت والنيل منها وتقديمها للناظر في ثوب ليس هو ثوبها ولا يتجانس مع إيمانها الكبير بقيم الخير والحق والسلام.
صحيح قد تكون هذه المحافظة التي تمثل رئة البلاد وعقلها وفيها من الخير الكثير قد نالها الضيم والإجحاف مثلها مثل غيرها من محافظات اليمن الممتدة بسبب سوء الإدارة وأيادي الفساد لكنها كذلك تعلم جيدا أن الطرق المثلى للحصول على حقها لا تمر عبر مزالق الخوف ولا مسالك الفوضى والتخريب.
وفي التفاعل الكبير الذي أبداه فخامة الأخ / عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية مع أبنائها على خلفية استشهاد المقدم سعد بن حبريش الحمومي والمعالجات التي توصلت إليها اللجنة الرئاسية مع السلطة المحلية دليل لا يقبل الشك على جدية الدولة وحرصها رئيسا وحكومة على أن تنال حضرموت حقها غير منقوص وبما يفوت الفرصة على الانتهازيين والمقامرين بسكينتها وأمنها.
ومن المؤكد أن أبناء حضرموت وأبناء غيرها من مدن ومناطق اليمن يدركون اليوم مدى خطورة المنعطف الحرج الذي تحاول البلاد الخروج منه ما يجعلهم يقفون قلبا وقالبا مع خيار كل اليمنيين في شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها من أجل طي صفحة الماضي والتأسيس عبر مخرجات الحوار الوطني المرتقبة ليمن جديد أبرز عناوينه دولة المواطنة والعدل والمساواة والحكم الرشيد وهو الرهان الكبير الذي سيعمل الجميع لكسبه دون الالتفات لنعيق المراهقين السياسيين أو عويل المزايدين على الإرادة الوطنية الجامعة.