أثر النقـد في الثقافة الحلقة الأولى

بقلم : د. يوحنا م. سميث

 - ما الذي يرد إلى ذهنك عندما تفكر في الثقافة¿ هل الأوبرا والباليه¿ هل تتصور عزفا سيمفونيا لموتسارت في مركز لينكولن أو معرضا لرامبرانت في متحف الم

ترجمة: محمد عبـــد الواحد الكميـــم
ما الذي يرد إلى ذهنك عندما تفكر في الثقافة¿ هل الأوبرا والباليه¿ هل تتصور عزفا سيمفونيا لموتسارت في مركز لينكولن أو معرضا لرامبرانت في متحف الميتروبوليتان للفن¿ هل عبارة “حدث ثقافي” تستدعي إلى ذهنك صورا لشباب يرتدون الجينز والقمصان الخفيفة أم لأناس في الستين من عمرهم يلبسون بصورة رسمية¿  عندما يسمع معظم الناس كلمة “ثقافة” يفكرون بالثقافة الرفيعة وبالتالي فإن معظم الناس عندما سمعوا للمرة الأولى عن النقد الثقافي افترضوا أنه سيكون ملكيا أكثر من الملك لقد ظنوا بأنه سيكون “رفيع الثقافة” موضوعا وأسلوبا.
لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة فواحد من أهداف النقد الثقافي هو أن يعارض الفكرة الشائعة عن الثقافة بعبارة أخرى أن يعارض هذه النظرة الثقافية الطارئة التي عادة ما تسوي بين الثقافة عموما وبين ما نسميه أحيانا “الثقافة الرفيعة” فقط. إن النقاد الثقافيين يرغبون في جعل مصطلح ثقافة مشيرا إلى الثقافة الشعبية بقدر إشارته لتلك الثقافة التي عادة ما نقرنها بما يطلق عليه الكلاسيكيات. فبإمكانهم أن يكتبوا عن مسلسل الخيال العلمي “ستار تريك” Star Trek”” بمثل ما يمكنهم أن يتناولوا بالتحليل رواية “عوليس” Ulysses لجيمس جويس. يسعى النقاد الثقافيون لتحطيم التخوم بين الأعلى والأدنى كما يسعون لتعرية التراتبية التي يتضمنها التفريق بينهما. إنهم كذلك يودون كشف الأسباب – السياسية غالبا – التي تجعل نوعا معينا من المنتجات الجمالية أكثر قيمة مما عداه. وربما تركز كتابة أحد النقاد الثقافيين في تناوله لعمل كلاسيكي مبجل- على نسخة فيلمية منه أو على نسخة يقدمها مسلسل هزلي.
وربما ينظر الناقد الثقافي إلى ذلك العمل الكلاسيكي في ضوء نمط أكثر شيوعا من أنماط القراءة (من مثل أن ينظر لرواية من تأليف جين أوستين في ضوء الرومانسيات القوطية أو في ضوء كتيبات الإدارة النسائية) بوصفه انعكاسا لبعض الأساطير أو الاهتمامات الثقافية العامة (يمكن أن ينظر لرواية هكلبري فين Fin Huckleberry بوصفها تعكس الأساطير الأمريكية عن العرق وتجسد الاهتمامات الأمريكية حول التقصير في رعاية الناشئة) أو بوصفه – أي ذلك العمل الكلاسيكي- مثالا لكيفية تأرجح النص عبر الفاصل المزعوم بين الثقافة “الأدنى” وتلك “الأعلى”.
وكما أشار مجموعة من النقاد الثقافيين فعلى الأغلب جاءت بعض مسرحيات شكسبير التاريخية إلى الوجود كعمل شعبي يستمتع به العمال ثم أصبحت بعد ذلك عملا مسرحيا منتميا لـ “الفن الرفيع” ليتمتع بها فقط الخاصة والمتعلمون ثم آلت في فترة لاحقة إلى نسخة فيلمية أنتجت خلال الحرب العالمية الثانية لتصبح شعبية مرة ثانية – هذه المرة لأنها أنتجت وتمت مشاهدتها بوصفها عرضا وطنيا عن عظمة انجلترا أثناء زمن الحرب.
وحتى أثناء كتابة هذه المقالة كان النقاد الثقافيون يحللون “العمل الثقافي” الذي تم بصورة تعاونية بين ميل جيبسون وشكسبير في فيلم “هاملت” الذي أخرجه فرانكو زيفيريللي مؤخرا.
وطبعا ينتهي أحيانا النقاد الثقافيون في نزاعهم مع التعريفات القديمة حول ما الذي يشكل الثقافة- إلى نزاع مع التعريفات القديمة حول ما الذي يشكل المعيارية الأدبية literary canon أي قائمة الشرف المكونة من الكتب العظيمة تلك التي تم الاتفاق عليها ذات مرة فيما مضى ( ). وعلى أية حال هم لا يفعلون ذلك بإضافة كتب (وأفلام وأعمال تليفزيونية) إلى قائمة النصوص القديمة التي –افتراضا – يجب على كل شخص “مثقف” أن يعرفها ولا يفعلون ذلك أيضا باستبدال نوع من المعيارية الثقافية المضادة بهذه القائمة. إنهم بالأحرى يقارعون المعيارية الأدبية القائمة عن طريق نقد فكرة المعيارية نفسها.
 يريد النقاد الثقافيون أن يبعدونا عن التفكير في أعمال محددة بوصفها “أفضل” الأعمال التي أنتجتها ثقافة معينة (من مثل الروايات التي تمثل أفضل تقديم للثقافة الأمريكية) هم يحاولون أن يكونوا أكثر وصفية وأقل تقييما أكثر اهتماما بالربط بين المنتجات والأحداث الثقافية من تصنيفها أو تثمينها.
لم يكن مفاجئا إذن أن يكتب أربعة من النقاد الثقافيين المؤسسين لهذا الاتجاه في مقال عن “الاحتياج للدراسات الثقافية” أنه: ” يجب على الدراسات الثقافية أن… تتخلى عن هدف إعطاء الطلاب مدخلا لما يمكنه أن يقدم ثقافة معينة ويشرحها بل عليها في المقابل أن تظهر الأعمال في علاقتها بأعمال أخرى كأن نرى في أي من السياقات الاقتصادية أو الخطابات الاجتماعية الواسعة النطاق ( عن ولادة الأطفال أو تعليم المرأة أو تآكل الرقعة الزراعية…الخ) – يمكن للعمل أن يقرأ بصورة دالة.
ولعل أهم ما يجب أ

قد يعجبك ايضا