الهروب الكبير ..!!

جمال الظاهري


 - 
افتقدنا البسمة افتقدنا نعمة الانشراح والمداعبة في المجلس في المطبوعة في الفضائيات مع أحبابنا وأهلنا وحتى مع أنفسنا صارت حياتنا تتغذى على التنافر على الكراهية
افتقدنا البسمة افتقدنا نعمة الانشراح والمداعبة في المجلس في المطبوعة في الفضائيات مع أحبابنا وأهلنا وحتى مع أنفسنا صارت حياتنا تتغذى على التنافر على الكراهية على تحين الفرص للاصطياد لبعضنا البعض أصبحنا نغار ممن يستطيع أن ينجح أو ممن يحاول أن يجعل من سلوكه السموح قدوة لنا لماذا صرنا بهذه الجفوة بهذا العداء للحياة المتسامحة الحياة التي تعطي الجميع حق المتعة حق الاستقرار حق الابتسام¿ هل هو عقاب لنا نحن العرب والمسلمين¿ هل هذا العقاب من
صنعنا¿ أم أنه قادم من الأعداء الافتراضيين الذين صاروا الشماعة التي يحلو لنا تعليق إخفاقاتنا وأعمالنا غير السوية عليهم عند كل نازلة ومصيبة ما أسهل أن نرمي جورنا على الغير ولكن من المستحيل أن نثبت تهمنا عليهم.
إننا في هذا الوضع الراهن من الإرهاب وسفك الدماء ولتفجيرات والتوتر والانفلات الذي نعيشه في كل يوم وفي كل لحظة نتهرب من الإجابات أو من مجرد طرح التساؤلات الموضوعية ليس لأننا لا نعرف الطريق إلى السؤال أو لا نعرف كيف نقرأ الواقع ولكن لأننا استمرأنا الإجابات الجاهزة ألتي تتجنب فضحنا أمام أنفسنا وأمام غيرنا.
إننا غير مشفقين على أنفسنا فما بالك بإشفاقنا على غيرنا لقد ألفنا الهروب المستمر الذي لا يعرف محطة ولا نتوقف إلا لكي نلتقط الأنفاس عند كل مصيبة كي نستعيد النشاط من أجل مواصلة الهرب من جديد وليت هذا الجري (الهروب) أفادنا في شيء أو جنبنا خسارة أو سيوصلنا إلى نتيجة تقر بها أعيننا إننا حتى حين نمارس الهروب فإننا لا نلتفت لمطالعة الشبح الذي يطاردنا كي نتأكد هل ما زال في اثرنا أو أنه توقف لذا فإن أنفاسنا ستنقطع وسنقع مغميا علينا وسيدوس بعضنا على بعض في حمى الهروب الكبير الذي ما من مبرر له ولا نتيجة.
إننا نهرب من كل شيء إلى لا شيء نهرب من مسمانا من تاريخنا من معتقدنا من إنسانيتنا من أخلاقنا من عاداتنا من أخلاقنا من قيمنا التي نسيناها أو تناسيناها .. نطلب مثل الغير ونسفهها في الوقت نفسه نمجد ما حققوه ونعلن عدائنا لحضارته نفخر بماضينا ونسقطه وندوس عليه نفتش في جعبö الآخرين بحثا عن علاج لمعضلتنا وننسى أن نفتش في أقبية عقولنا وفي ما تركه لنا الأسلاف.. يا الله إنها محنة نحن صناعها ونحن المكتوون بنيرانها.. يا ألله كم هي أحوالنا رثة .. كيف صرنا رمزا للسخرية وكيف صارت أحولنا مدعاة للشفقة من البعيد قبل القريب!. حين نسترسل في الشكوى من واقعنا ومن عاقبة عدم الاكتراث من الأمور الصغيرة قبل الكبيرة يهيأ لمن لا يعرف حقيقتنا بأننا ملائكة أو مردة يتنافسون في التعمير وفي إنجاز الأعمال النبيلة التي لا تفرق في مردودها بين جنس وآخر ولا بين أبناء ملة وأخرى نفاخر بأعراقنا وبحضارتنا وبالمثل والقيم.. ونعمل العكس تماما دون حياء .. بل صار الأمر لدى الأغلب أشبه بالتزكية التي تفتح
له الأبواب لنيل المكانة والامتياز.. إننا نعيش الكذبة .. بل أن الكذبة ربما صارت ترى نفسها فينا .. حين نقول نحن متسامحون فإن المعنى هو العكس .. حين نقول أننا نريد التمدن يكون عملنا عكسه تماما .. حين نقول سنعطي الفرصة للجيل الشاب نعمل على تكريس السيطرة واستبعادهم .. حين نقول سيكون العمل تنافسيا وستكون الفرص متساوية وسنصحح الاختلالات وسنعلي قيم المعتقد وسنعزز احترام الاختلاف وسنقوي أواصر القربى ووووو …. الخ فإن أعمالنا عكسها تماما .. هل فارقنا الإدراك¿ .. هل هي الغاية التي بررت الوسيلة حتى هذه تعلمنا أن مفهومها منكر يرفضه الدين وترفضه الأخلاق لكنه في يومنا صار قيمة يجب أن يتحلى بها من يريد أن يحمد على فعله ومن يريد أن يقدمه الآخرون .. يا الله سامحنا ولا تحاسبنا على حياة هي كذبة أو كذبة سميناها حياة

قد يعجبك ايضا