الخميس الدامي.. هل يوقظ الغافلين¿!
خالد الرويشان
¶ قلت من أول وهلة ليسوا بشرا أسوياء بعد أن قتلوا كل حي وأحرقوا كل شي.. حتى ملائكة الرحمة لم تنúج من المذبحة. من يجرؤ على قتل الملائكة ¿.. هنا في اليمن أقدمت مجموعة مجرمة مكونة من اثني عشر إرهابيا على قتل ملائكة الرحمة أطباء يمنيين وأجانب وممرضات ومرضى وحتى قضاة ! بعد أن حشروا الجميع في غرفة واحدة في مستشفى العرضي بوزارة الدفاع وقتلوهم جميعا. ومثل أفلام الرعب تماما قتلوا كل من صادفوا ولاحقوا كل من لمحوا من النساء والأطباء والمرضى والجنود !
من أين جاء أولئك القتلة.. وأين كانت أمسيتهم الأخيرة قبل الصباح الدامي ¿.. من أي معملö قتúل تخرجوا ¿ وتحت رعايةö أي مجرم ترعرعوا ¿..
بعدها بثلاث ساعات وعلى الهواء مباشرة ومن قناة الجزيرة رأينا رئيس الجمهورية يرأس اجتماعا في مقر وزارة الدفاع الذي ما يزال الدخان يتصاعد من جوانبه وأصوات الانفجارات تتوالى في ساحته.. في تلك اللحظة شعرت بقشعريرة أحبها كنت قد افتقدتها خلال سنتين وأكثر !.. كانت لحظة أشرقت بي وأضاءت ما حولي.. ما أجمل أن ترى الشجاعة في زمانها ومكانها وعلى الهواء..! تمنيت أن تتوالى لحظات الشجاعة ومواقف البطولة بقرارات وإقالات .. حسابا وعقابا لكل مهمöل وهامöل ومجرمö وجارöم وذي طوية ومتواطöئ..
لم يكن ما حدث صباح الخميس الماضي داميا فحسب.. كان مجنونا وغريبا,.. مجنونا بشهوة القتل والقتل فحسب حتى أن أحدهم حاول أن يفجر جسمه النازف بحزامه الناسف أثناء إسعافه إلى المستشفى العسكري ! أما أن ما حدث كان غريبا فلأنه لا سابقة لليمنيين بالهجوم على المستشفيات وبعمليات انتحارية على المرضى والممرضات !.. وكانت نبوءتي صحيحة.. ليسوا يمنيين ! رغم أنني ما زلت أعتقد أن القصد كان أكبر من الهجوم على مستشفى فالمستشفيات موجودة في طول اليمن وعرضها.
ما زلنا بانتظار التقرير الشامل والكامل والدليل الذي يشفي الغليل والقلب العليل.. صحيح أن التقرير الأولي أفاد أن سرöية قتل إرهابية مكونة من اثني عشر مجرما نفذت الجريمة.., لكن المعلومة على أهميتها لا تشفي غليلا.. ما زلنا بانتظار تقرير تفصيلي شامل بعد أن تم الهجوم على معقل السيادة والقرار العسكري والسياسي وضحايا الهجوم الغادر تجاوزوا الثلاثمائة بين قتيل وجريح.
لم يعد ثمة من سبب للمداراة والمواراة بعد اليوم !.. فقد بلغ السيل الزبى حتى أغرق سايلة العرضي بالدماء وعواصف الموت وقواصف الفوúت.. لقد حصحص الحق وآن أوان الحزم والحسم وقبل ذلك عزúم همام لا يلين وقلب شجاع لا يستكين !
هاتفني أحدهم عاتبا بعد يوميات الأحد الماضي وقال لي: كنت قاسيا على غير عادتك !.. نعرفك رقيقا رفيقا ! قلت له: ربما يشفع لي أنني أقسو كي أنبه وأحذر مما قد يكون أقسى وأمر ! فالنذر تحلق والأخطار تحدöق والوطن يحترق ولن تكون قسوة الكلمة الصادقة أكثر وطأة من قسوة ثقيلة بطيئة تسحق الوطن والمواطن كل يوم. بعد جريمة العرضي بساعات جاءني صوته عميقا مثل بئر : فهمتك الآن ! معك حق .. لا بد من حزم وحسم وحساب وعقاب ! في مساء الخميس الدامي مات نيلسون مانديلا.. وكأنه مات كمدا على اليمن واليمنيين ! رأيته فيما يرى الرائي يقول وصيته الأخيرة لنا: هذا هو الطريق. شعبكم واحد فلا تعقدوا المشاكل. في بلادي جنوب إفريقيا أصبحنا شعبا واحدا رغم تعدد الأعراق واللغات ولم نكن لننجح إلا بالمواطنة المتساوية بلا تمييز فهي نبوة هذا الزمان ! وبالقانون والديمقراطية على الجميع وللجميع.. ناضلنا طويلا من أجل ذلك.. حطموا أصنام المصالح والمذابح دعوا المحاصصة والمخاصصة ولا تدخلوا صحاري الوهم والأثرة والمطالöبö الأنانية الذاتية والمناطقية فهي رحلة تöيúه كبرى ليس لها نهاية.. أرجوكم ! ليس من أجلي بل من أجل أجيالكم القادمة..