حوض صنعاء… وكابوس التلوث

محمد العريقي


 - 
الاسبوع الماضي استضافت الزميلة منى الطشي المذيعة في قناة اليمن الفضائية في برنامج (شؤون البلد) الاستاذ علي الصريمي رئيس الهيئة العامة للموارد المائية
محمد العريقي –

الاسبوع الماضي استضافت الزميلة منى الطشي المذيعة في قناة اليمن الفضائية في برنامج (شؤون البلد) الاستاذ علي الصريمي رئيس الهيئة العامة للموارد المائية والمهندس منصور القدسي مدير محطة المعالجة بأمانة العاصمة بالإضافة إلى مداخلات من قبل مسؤولين بالمؤسسة المحلية والصرف الصحي بالامانة ومنهم المهندس ابراهيم المهدي مدير عام المؤسسة وانصب الحديث في ذلك البرنامج حول بعض المظاهر التي تهدد حوض صنعاء بالتلوث.
المياه الجوفية في حد ذاتها نقية وهناك بئر أو بئران تحتوي مياههما على بعض المعادن يتم معالجتها كما فهمنا قرب المصدر قبل ضخها لمستخدمي المياه في المنازل .
المخاوف تبرز من تلك التصرفات التي بدات تطال الحرم المائي لحوض صنعاء من خلال انتشار المباني والمنشآت دون أي رادع – مع أن قانون المياه رقم 33 لعام 2002م يحرم اقامة أي انشطة سكانية اوغيرها في حرم الاحواض المائية ولنا في هذا الموضوع وقفة أخرى إن شاء الله .
التوسع السكاني في حوض صنعاء (والمقدرة مساحته بثلاثة آلاف كيلو متر مربع) نجم عنه الكثير من مظاهر التلوث ابرزها ماتخلفه بيارات المجاري للمباني والمنشآت التي بنيت بطريقة عشوائية داخل حرم الحوض والتي قدرها المهندس منصور القدسي بحوالي 40 الف بيارة وكلها قريبة من مصدر المياه الجوفية هذا الوضع يمثل خطورة شديدة على المياه الجوفية التي يتم ضخها للكثير من احياء صنعاء بمياه الشرب صحيح أن المؤسسة المحلية حريصة أن تقدم مياها نظيفة للسكان وذلك من خلال فحصها المخبري لكل بئر على حدة قبل أن تضخها للمستهلكين وفعلا اقفلت العشرات من الابار التي بين الفحص وجود بعض الملوثات فيها ولكن الوضع بحد ذاته اذا ما استمر على ماهو عليه سوف نجد أن الكثير من تلك الآبار سيتم خروجها عن الخدمة.
وخطورة تلوث المياه تبرز من خلال نقطتين رئيسيتين هما:
-1 إن التلوث يحرمنا من المياه المتاحة ويقلل نسبة الاستخدام ويوسع من الفجوة بين المياه المتوفرة والمياه المطلوبة.
-2 إن المياه الملوثة سواء استخدمت بشكل مباشر أو لم تستخدم تصبح خطرا وتكون المياه في مثل هذه الحالة مصدر موت للإنسان والكائنات الأخرى وليس مصدر حياة.
فشح المياه والتلوث وجهان لمشكلة الماء في العصر الراهن فالتلوث يجعل من الماء المتاح غير صالح للاستعمالات المتعددة (المنزلية _ والصناعية _ والزراعية وللحياة المائية والبرية).
ويعتبر الخبراء أن أقدم أشكال تلوث المياه كان من مياه المجاري التي كان يقذف بها الإنسان إلى الأنهار والبحيرات والبحار منذ أن بدا الإنسان يعيش في المدن ومع نمو الصناعة اخذ يرمي الفضلات الكيماوية بنفس الطريقة وعندما أخذ في استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية وجدت هذه المركبات طريقها نحو المسطحات المائية وحتى الملوثات الهوائية وتترسب بفعل الأمطار التي تعرف بالأمطار الحمضية وهذه أيضا قد تأخذ طريقها نحو البحار وهكذا أصبحت الكثير من البحار والأنهار والبحيرات في العالم مستودعا لاستقبال مياه المجاري بالإضافة إلى ما يأتيها من المخلفات الصناعية التي تلقي بها آلاف المصانع.
لقد شهد اليمن تطورا كبيرا في المجالات الصناعية والتجارية وخاصة في العقود الأخيرة ومن المتوقع أن يزداد نمو تلك المجالات بشكل اكبر في المستقبل نظرا للنمو السكاني والاقتصادي والحضري ففي السابق أقيمت بعض المنشآت الصناعية والتجارية خارج حدود المدن ونظرا للتطور العمراني مؤخرا أصبحت بعض هذه المنشآت وسط التجمعات الحضرية والتي تعتمد بصور وبأخرى على استخدام المياه مما ينجم عنها مياه عادمة تحتوي على المركبات وعناصر كيميائية وبتراكيب مختلفة وقد تلقي بعض هذه المنشآت بمخلفاتها في شبكت الصرف الصحي وبدون أي معالجة أولية وبذلك تكون المياه العادمة حاويه على المعادن الثقيلة والسامة الناتجة من صناعة الملبوسات والدباغة وبعض المواد الأخرى مثل الزيوت والدهون والأصباغ الناتجة من صناعة السمن والصابون والطلاء والمنسوجات المختلفة فتجد طريقها للمياه الجوفية وأثبتت كثير من التحاليل التي أجريت لبعض العينات التي أخذت من مياه آبار قريبة من منشآت صناعية وجود بعض العناصر السامة فيها تجاوزات لحدود والنصوص المسموح بها في المواصفات القياسية اليمنية على تلوث المياه الجوفية.

قد يعجبك ايضا