بعض الذكريات عن رائد المسرح اليمني الحديث

■ حسن أحمد اللوزي


■ حسن أحمد اللوزي –
يستعصي الحديث عن مرارة الآلام الباعثة لأشد الأحزان في حالات من الفقر الذي يأتي داهما في حياة الناس لصلته بعزيز لديهم.. ولأنهم لم يعهدوا مثله في المواجهة المؤسفة والاختبار الأليم والمواقف الصعبة.. التي يثيرها من شرارته الأولى ويكبر في مشاعرهم.. ونفوسهم ليعتصر الأفئدة.. ليتعدى الحدود التي يتحملونها.. ولا يطيقون معه صبرا سوى الامتثال لإرادة الله الخالق عز وجل والاعتصام بالحمد وتحمل بدة الصبر.. والمعاناة!!
إن وجع الألم الذي يشعله النبأ من أول وهلة يتحول إلى دوامة من الآلام التي تعتصر الأحاسيس كلها حتى يظن الإنسان المتألم بنفسه الظنون من كل ما يعتريه وما يشبه فقدان الكلام.. والعجز عن التعبير وفقدان القدرة حتى على البكاء والنحيب.. كثيرا ما واجه البشر مثل تلك الحالات.. وغاصوا فيها بل وغاصت بهم في الساعات الداكنة.. والغيوم المتحجرة في العيون.. وجيشان الغيث الرحيم لا شك أن ذلك كان حال الكثيرين مع فاجعة المواجع المركبة.. الأليمة.. والمريرة مع معاناة مرض ورحيل المغفور له بإذن الله الأديب الكبير والشاعر الثائر ورائد المسرح اليمني المعاصر الأستاذ محمد حسين الشرفي وما زالت امتدادا لما قدمه رائد المدرسة المسرحية الأول علي أحمد باكثير رحمه الله.. وما زالت بيانات النعي وكلمات وكتابات وقصائد الرثاء تتوالى محنية الظهر.. عاجزة عن الوفاء بحقه بعد ارتقائه إلى الرفيق الأعلى.. وبعد أن حقق الراحل الجليل اكتماله في ذمة الله سبحانه وتعالى وفي ذرى التاريخ الأدبي والثقافي والفني المشرق الذي خطه بأحرف إبداعية خالدة.. وبإنتاج باق لا يموت ستظل باسقة أشجاره العالية وارفة الثمار في كل الحقول التي حرث فيها وزرع وسقى وكتب وأعطى فأخصب.. في الشعر والأدب.. كما في المسرح والإعلام وفي عمق الثقافة اليمنية الجديدة والسلك الدبلوماسي كما في المواقف الوطنية والثورية الحاسمة.. والجهاد الاجتماعي في نصرة حقوق شقائق الرجال وقد جعل له في كل ذلك أسفارا متميزة له وبصمات خاصة به.. تفرد بها عن سواه يرحمه الله ويوسع عليه من نعيمه.
وإذا كانت هذه الكتابة امتدادا لما سبق أن نشرته وشهدت به أمانة فهي نوع من العرفان بالجميل كواحد ممن تعلموا منه في البدايات الأولى في رفقة حمل سلاح الكلمة وأردت عامدا أن أخصص هذه الكتابة لحقل العطاء المسرحي في حياته الإبداعية والإنتاجية ولا أبالغ أبدا عندما وصفته بأنه رائد المسرح اليمني الحديث فلأنه يستحق ذلك عن جدارة لكل ما أعطى.. وقدم في هذا المجال.. بل وجاهد بسعيه الدؤوب من أجل أن يوجد المسرح في بلادنا كمدرسة متاحة للشعب.. تتقاطر إليها الجماهير برغم كل ما يعرفه عن الشروط المطلوبة.. والمعوقات القائمة.. وحتى إذا لم تتوفر أماكن العروض المسرحية «المسارح» فليتم تقديم العروض المسرحية في الميادين وبالإمكانات البسيطة طالما يمكن تجهيز المنصات الخشبية.. فضلا عن استغلال دور السينما الفاتحة منذ الستينيات وبداية السبعينيات من القرن المنصرم وكان إيمانه بأن النصوص المسرحية النثرية والشعرية لا تكتب ترفا.. وإنما لتشخص ولتعرض على الجماهير لتوصل الرسالة الثقافية المطلوب نشرها إليها وقد كتب الكثيرون عن شعره ونصوصه المسرحية.. ولم يتطرقوا لما تم مسرحته وعرضه منها.. للأسف الشديد!! نعم لقد شهد المسرح في بلادنا نهضته الأولى التأسيسية في ظروف صعبة – وأنا أتحدث هنا عن صنعاء – في بداية السبعينيات من القرن المنصرم وذلك باهتمام كبير.. ورعاية خاصة من قبل الأستاذين الجليلين أحمد قاسم دهمش وزير الإعلام حينذاك ويحيى حسين العرشي وزير الإعلام والثقافة فيما بعد.. وقد توجه جهدهما نحو توفير قاعات العروض الفنية والمسرحية من خلال تنفيذ المشروع الوطني الثقافي الرائد بناء المراكز الثقافية في عواصم المحافظات بداية من العاصمة صنعاء – وقد توسع في تشييد العديد منها بفضل الجهود التي بذلها معالي الأستاذ يحيى حسين العرشي بما في ذلك إنشاء أول معهد للموسيقى وقد قدمت خلال تلك الفترة أهم العروض المسرحية لعدد متميز من كتاب المسرح ونخص منها ما أسهم به الراحل الجليل محمد حسين الشرفي مثل مسرحية «الطريق إلى مارب» ومسرحية «المعلم» وهذه الأخيرة تم عرضها في عدن الحبيبة في العيد العاشر للاستقلال وحظيت بإعجاب منقطع النظير وقد شجعت أعماله المسرحية الرائعة والمحكمة أن يتصدر لتمثيل الأدوار النسائية والبطولية فيها رائدات في العمل الإعلامي والثقافي في المقدمة منهن المغفور لها بإذن الله الدكتورة رؤوفة حسن والأستاذة الجليلة أمة العليم السوسوة حفظها الله ورعاها والمغفور لها بإذن الله الإعلامية الرائدة زهراء طالب وكل رواد المسرح الوطني اليمني.. وقد تم عرض عدد من تلك المسرحيات الرائدة في كل من مدينة تعز.. ومدينة الحديدة ومدينة إب وذمار ضمن حركة الفرق الفتية الموسعة التي كانت تجوب المحافظات ابت

قد يعجبك ايضا