خاتمة العصر الحميري

محمد صالح الحاضري


 - انتحر يوسف ذو نواس ووصلت قوات اكسوم إلى صنعاء في تطور خطير للصراع حملته إلى معقل حميروم المنيع نقاط الضعف اليمنية بعدما كانت محاولة يوسف ذو نواس
انتحر يوسف ذو نواس ووصلت قوات اكسوم إلى صنعاء في تطور خطير للصراع حملته إلى معقل حميروم المنيع نقاط الضعف اليمنية بعدما كانت محاولة يوسف ذو نواس تهدف إلى انتشال نقاط القوة من تحت الركام وبعد ذو نواس ذو يزن فكان واضحا أن الظروف باتت أقوى من الحميريين.
إن القدرة على التلاعب بمصير شعب من داخله هو مفهوم الاشتغال على نقاط الضعف فيه وإلحاق الهزيمة بنقاط القوة وذلك هو مفهوم اغتراب الواقع عن ذاته الوطنية فما حدث في 525م يطعن في وطنية الواقع إذا تم أخذه كتطور سلبي بمعزل عن الوجه الإيجابي وأنها نتيجة جدلية بين نقاط الضعف ونقاط القوة وأن نقاط القوة طالما هي موجودة في الأساس فهو واقع طبيعي قابل للتطور الإيجابي إذا ما انتعشت الشروط العامة الإيجابية.
أصبحت صنعاء تحت إدارة حاكم عسكري حبشي فأعطى لذلك تبريرا غطائيا لنقاط الضعف بنقاط القوة مزيفة فقيل بأنه يمني شديد الإخلاص للنصرانية فماذا عن باذان وعن فيروز الديلمي الفارسي¿ وبعدما استعان سيف بن ذي يزن بالفرس لإخراج الاحباش قتله الفرس بعد سنوات وأصبح لصنعاء حاكم عسكري فارسي فانفتح سؤال تاريخي كبير أين كان اليمنيوين وقت استعانة ذو يزن بمقاتلين فرس لتحرير بلده ¿ ويتكرر السؤال أين كان اليمنيون عند مقتله وانتقال السلطة بعده مباشرة إلى المحتل الفارسي وفي الحقيقة مسألة نقاط القوة والضعف اليمنية عامل تفسيري مباشر للوقائع تجيب عن نفسها خاصة وعملية إسقاط الدولة الحميرية بموجب دراسة مسبقة لنقاط الضعف اليمنية.
الجدار الحميري الأخير
كان تحليل ذي يزن يتفق مع تحليل يوسف ذي نواس في أن الصراع بين الفرس والروم يشكل أساس التحليل الاستنباطي لممكنات نفاذ اليمن من حالة انضغاطها بين الجبهتين الرومانية والفارسية فنفوذ روما القديمة على حدود اليمن مباشرة عبر اكسوم تفصلهما مياه مضيق باب المندي الضيقة مقارنة بعرض البحر الأحمر بما يجعلها حدودا طبيعية على ضفتي البحر الشرقية والغربية وفارس أيضا على حدود اليمن مباشرة تفصلهما مياه هرمز من جهة الشرق وجزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى بالشارقة جنوبا فيوسف ذو نواس كان يرى بقاء حميروم على الحياد والاعتماد على الإمكانيات الوطنية الذاتية لعدم اختلاف الروم عن فارس في خطرها على اليمن بينما حاصل تجربة يوسف ذو نواس في نظر سيف ذي يزن أن الطرفين الروماني والفارسي لن يتركا اليمن غير منحازة واتخذ من التحالف مع فارس وسيلة تكتيكية لتحرير اليمن من احتلال اكسوم حليفة روما.
وعند قيام النظام الوطني لسيف بن ذي يزن بعد التحرير اتضح للفرس الطابع التكتيكي لخطته التحالفية معهم فيتضح أن تصفيته تمت في ضوء مركزي أملته الاستراتيجية الفارسية وفي الحالة الثانية انفصل باذان عن المركز على طريقة انفصال أبرهة عن المركز الحبشي فيظهر من إعادة إنتاج التفاصيل لنفسها في حالتي أبرهة وباذان أن نفس الشروط الاحتلالية منعكسة فيهما معا بمعنى عدم اختلاف مقدمات الحالة الحبشية عن الحالة الفارسية من ناحية حجم القوات ودوافع التواجد ومحاصرة التحليل الوطني اليمني عن أن يصنع نتائجه الخاصة عبر اللعب على الأوراق التي راهن عليها.
إسلام حميري
جاء عام 610م وسيف بن ذي يزن يقاتل الاحباش وكانوا انطلقوا من اليمن إلى مكة في نفس العام لهدم كعبتها في إطار الاستراتيجية الرومانية ـ الحبشية لتنصير عرب الحجاز وهدم ديانتهم الوثنية.
في نفس العام أنجبت آمنه بنت وهب النبي محمد وهي من بني النجار الأوسيين الحميريين.
وفي 663م شكل الحميريون الأوسيون سكان يثرب الحميرية الأساس الاجتماعي لظاهرته الدينية لمدة عشر سنوات من 663 إلى 673م وذلك بعد ما كادت قريش تلحقه بمن سبقه من الأنبياء الذين قتلهم قومهم علاوة على بقائه اثني عشر عاما في مكة لم يكسب فيها غير بضع وسبعين قرشيا وبعد وفاته واتساع حجم ظاهرته الدينية حطم عشرات الآلاف المقاتلين الحميريين القادمين من اليمن معاقل النظام الدولي لما قبل القرن السابع للميلاد وثاروا من فارس واكسوم بشطبهما وقت ذلك كيانيا من الخارطة السياسية للعالم كدولتين ذات سيادة وقاموا بتصفية نفوذ روما القديمة في الشرق الأوسط.
لقد كان تحويل المقاتلين الحميريين للبحر الأحمر بالكامل في غضون عشر سنوات إلى بحيرة إسلامية عملا ثاريا مشروعا لم تكن تتصوره اكسوم بالنظر إلى وضعها المستقر ومن ورائها الامبراطورية الرومانية.
إن نقاط القوة الحميرية بعدما حوصرت قبل القرن السابع للميلاد من روما القديمة واكسوم وفارس انتجت واقعا ارتداديا إلى صدر تلك القوى العدوانية ما كان له أن يكون لو لم تغترب الروح الحميرية ت

قد يعجبك ايضا