الحرب في دماج والغوغائية السياسية !
خالد الرويشان
ما حدث ويحدث في دماج لا سابقة له في تاريخ اليمن. ففي العادة وتاريخيا كانت الدولة وباستمرار طرفا مباشرا في الحروب اليمنية الداخلية إما للقضاء على الخصوم أو لمد سلطة الدولة وسيطرتها السياسية.
ما يحدث في دماج الآن مختلف تماما.. فالحرب ليست بين الدولة وطرف سياسي أو قبلي وليست بين قبيلة وأخرى بل هي حرب بين فئتين لهما طابع ديني ومذهبي تتقاتلان بالسلاح الثقيل والخفيف بينما الدولة لا تكاد تفعل شيئا ! فهي لا تريد أن تقول لأحد قöفú عند حدك !.. لا تقول ولا تفعل لأن المشهد برمته فصل من فصول الفوضى الخلاقة.. وهي الأرضية المناسبة لمؤتمر الحوار ! فلا يمكن لهذا المؤتمر أن يقرر ما يريد إلا إذا فعل كل طرف ما يريد !.. هذه هي المعادلة التي بöتنا نعرفها ونعيش وقائعها كل يوم شاء من شاء وأبى من أبى !
السؤال الذي لم يسأله أحد.. لماذا لم تطلب الدولة من الطرف المقاتل بالدبابات والمدافع المنهوبة من الدولة بإرجاعها وتسليمها ¿!.. لماذا لا تسترجع الدولة سلاحها الثقيل ¿ والأنكى.. لماذا لم تفكر بذلك ¿ ولماذا لم يكن هذا الهدف شرطا للانخراط في مؤتمر الحوار والمشاركة في المستقبل ومن أي طرف يمتلك هذا السلاح ما بالك أن يقاتل به !
صحيح أن الدولة لا تريد أن تكون مع طرف ضد طرف وهذا مفهوم ومقبول.. ولكن أن تكون مع نفسها وتسرتجع سلاحها المنهوب فهذا ما لا نفهمه !
الغوغائية السياسية ضاربة أطنابها على المشهد السياسي كما لم يحدث من قبل قال لي أحدهم: يا أخي أنا لا أحب الطرفين ولا أطيقهما ! كلاهما يعيشان على الكراهية ويقتاتان صراع القرون الغابرة ! قلت له: قد لا أختلف معك ولكن هات لي طرفا لا يقتات الكراهية الآن ! ثم أن منطق الدولة يجب أن يكون مختلفا فالحب والكراهية والاستلطاف أمور لا علاقة لها بالسياسة أو الدولة بل لها علاقة بأمور أخرى !
الدولة نظام وقانون وعدالة وسلام واستقرار ! الأئمة وحدهم كانوا يشعلون الحروب بين القبائل إضعافا لهم وانتقاما منهم !
هل الهدف الآن أن تشتعل حرب مذهبية تستقطب العالم كله ! هل تعي أيها السياسي العتيد خطورة ذلك على وطنك وشعبك ! ألا تعرف أن الحرب ستنتج فصيلا مسلحا جديدا يضاف على مشهد هو في الأساس ثكنة ممتلئة بالبارود والكراهية ¿! هذه هي الغوغائية السياسية في أحدث طبعة لها.
الغوغائية السياسية لم تضرب الشارع السياسي اليمني فحسب بل ضربت الدولة ذروة وكيانا حتى أنها غائبة عن أعضائها النازفة وأطرافها المبتورة ولعل ما حدث الأربعاء الماضي في الشöحúر صارخ بانعدام المسؤولية والشعور بالوطن والأمانة. فبينما تعلن مصر الحداد وتنكöس الأعلام وترفع شارات السواد على قنواتها الفضائية وتقوم القيامة لمقتل أحد عشرة جنديا في سيناء.. في نفس اليوم يقتل أحد عشرة جنديا بينهم أركان حرب الحرس الخاص في الشحúر بحضرموت دون أن ينتبه أحد حتى أن وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمقروءة لم تشöرú إلى الكارثة !.. لم يحزن عليهم أو يأسف أحد ما بالك أن يعلن الحداد أو ينكöس الأعلام بعد أن انتكست روح الدولة وارتكست في بئر اللامسؤولية والغيبوبة المدمرة !
قلتها مرارا.. الدولة أولا والشعور بالمسؤولية الوطنية ثانيا.. ولكن وكما بدا لي فإن الأطراف السياسية مرتاحة لهذا الوضع.. وضع اللادولة ! وكل له أسبابه.. هذا همه الانفصال وهذا همه التقاسم وهذا همه المشاركة في السلطة وهذا همه عودة الإمامة وهذا همه أن يكفöر عما يعتقد أنه ذنب اقترفه ذات يوم ! وهذا يشعر أنه لا قيمة له إلا في هكذا أجواء.. وهلم جرا.
الدولة أولا والمسؤولية الوطنية ثانيا.. أعرف أنه إذا صلح الرأس صلح الجسد وأنه إذا تعطلت الحواس ومات الإحساس فلا قيمة لجسد ولا لرأس !