المرحلة التأسيسية .. هروب للأمام أم تكملة ما لابد منه
ميساء شجاع الدين
للأحزاب اليمنية مخارج للطوارئ تلجأ لها هروبا من المآزق التي تصنعها بنفسها مستهوية أفكار على شاكلة التسوية والتوافق والمحاصصة هذا ما يتبدى واضحا من طرح الحزب الإشتراكي للمرحلة التأسيسية.
المطالبة بمرحلة تأسيسية مدتها تتراوح بين أربع لخمس سنوات ضمن ورقة معنونة “ضمانات حول تنفيذ مخرجات الحوار الوطني” يختصر الأمر ويخل به إخلالا شديدا فالإنتقال لمرحلة تأسيسية بعد مرحلة انتقالية انهكت البلاد بشدة وتدهورت فيها الخدمات بشكل كبير مما اضر بمصالح المواطن اليمني ضررا بالغا أمر لن يكون بالأمر اليسير ويصعب اختصارها بمجرد ضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. لهذا يستدعي الأمر الكثير من الحذر خاصة إن كل إختلالات المرحلة الإنتقالية – حسب البيان- تحمل مسؤوليتها الرئيس السابق بينما برأت احزاب اللقاء المشترك ساحتها مما يعطي مؤشرا قويا بإمكانية تكرار الاخطاء الجسيمة.
ربط الحزب هذه المرحلة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بل وإتمامه. أجمل البيان المهام الأساسية التي لم تتم بالحوار في القوانين والترتيبات المتعلقة بالإنتخابات وشكل الدولة والعدالة الإنتقالية. في الواقع مهمة الترتيب للإنتخابات كان يفترض أن تأخذ خطا موازيا للحوار منذ البداية فموعد الإنتخابات لم يكن مفاجئ للمتحاورين والسلطة الإنتقالية الحالية. أما شكل الدولة الذي يبدو أنه تعثر بشدة فمشكلته متعلقة بإجراءات تهيئة شفافة في الجنوب حتى يستطيع الجميع التوصل لحل يرضي جميع الأطراف وهذا غير ممكن طالما ظلت نخبة صنعاء تتهرب من بعض الاستحقاقات الضرورية والمطلوبة بالجنوب مثل المباشرة بتنفيذ القضايا المتعلقة بالأراضي والمتقاعدين مما قد ينفس حالة الإحتقان في الشارع الجنوبي ويعطي مساحة حركة ممكنة لبعض القيادات المتنازعة على الشارع الجنوبي. تظل النقطة الأخيرة لتكملة الحوار ملف العدالة الإنتقالية وهو ملف في جزئه الأعظم لا يتطلب حوارا بل تشريعات قانونية وحكومة قادرة على تحقيق العدالة.
هذا كله يجعل السؤال قائما ما الجدوى من المرحلة التأسيسية ولماذا لا تكتفي القوى السياسية باليمن بما فيها الحزب الإöشتراكي بتمديد المرحلة الإنتقالية¿ يعزو بيان الحزب ضرورة هذه المرحلة لإفتراض أن البلد لا تتحمل استحقاق انتخابي ولاتوجد ضمانات بخصوص تنفيذ مخرجات الحوار. يبدو من العذر الأول إن أحزاب اللقاء المشترك استمرأت الصيغ التوافقية بشرعياتها المختلة للتهرب من الشارع الذي يغلي وسوف يجافي أي انتخابات جنوبا بينما سوف يستقطب بشدة ويتشتت شمالا وربما يكشف بروز قوى جديدة مثل الحوثيين مما قد يمنح هذه القوى مساحة جديدة ومختلفة عن مساحة المشاركة بالتوافق فهي مساحة تكتسب شرعية وثبات بحضورها عبر الإنتخابات.
ربما تحتاج القوى السياسية عوضا عن التهرب من الإستحقاقات الإنتخابية بما فيها من مواجهة للشارع قد تقصي كثيرا من الأحزاب المنضوية تحت راية اللقاء المشترك وتجعلها رهينة بشكل أكبر لشريكهم الأكبر حزب الإصلاح الذي بدوره يخشى مواجهة قوى مثل الحوثيين والمؤتمر ناهيك عن إحتمالية فوزهما بنصيب ما صغر أم كبر. هكذا تفر هذه الأحزاب من العمل بما يفي خدمة المواطن وتؤثر العمل بمنطق التسويات والمحاصصة السائد والذي من الطبيعي أن يسود العمل السياسي في ظل شرعية التوافق.
المشكلة لا تتوقف عند ضعف حجة تمديد المرحلة الإنتقالية تحت مسمى المرحلة التأسيسية بل ربما التوجه نحو تكريس ذات الأخطاء التي رافقت المرحلة الإنتقالية وابرزها على الإطلاق الحكومات الإئتلافية بين القوى السياسية في الواقع هذه الفكرة أثبتت فشلها الذريع حاليا بشكل يستدعي المراجعة والتفكير جديا بحاجة اليمن لحكومة تكنوقراط ذات قدرات تنفيذية عالية بعيدة عن حسابات الأحزاب الضيقة الأمد.
تظل المشكلة الأعوص في ورقة الحزب وخللها الكبير في اقتراحها لتحويل مؤتمر الحوار للجنة تأسيسية ليست فقط مهمتها متابعة تنفيذ مخرجات الحوار بل أيضا تضطلع بمهام مجلس النواب. هذا المقترح يعاني من خللين كبيرين: أولهما: غياب أي شرعية لهذه اللجنة المزمع تشكيلها وهذا ما حاولت الورقة معالجته على استحياء بالنقطة قبل الأخيرة لكن دون توضيح كاف لنقطة بغاية الحساسية كهذه حيث استخدمت في هذه النقطة مفردة “تفويض شعبي” بما يعني إن الأمر لن يتجاوز أكثر من استفتاء. في هذه الحالة الإستفتاء محسوم النتيجة بالموافقة لأن المقترح يشمل جميع القوى السياسية ولا يقدم بدائل بينما تظل هناك قوى مثل فصائل واسعة من الحراك خارج العملية برمتها. الإختلال الثاني: هذا المقترح برمته يعني تك