محطات تاريخية في مسار الثورة والوحدة وترسيخهما

أحمد الكاف

 - مما لا شك فيه أن اليمنيين هم أول من بنى حضارة وأسس دولة تحكمها تشريعات وقوانين والتي هي أساس بناء الدولة وحتى في ظل الدويلات اليمنية المتعاقبة نظمت شؤونها تشريعات وقوانين.
مما لا شك فيه أن اليمنيين هم أول من بنى حضارة وأسس دولة تحكمها تشريعات وقوانين والتي هي أساس بناء الدولة وحتى في ظل الدويلات اليمنية المتعاقبة نظمت شؤونها تشريعات وقوانين.
بيد أن اليمنيين ابتلوا بنظامين كهنوتي واستعماري خلال العقود الستة الماضية من القرن الماضي ففي ما عرف بالشمال ابتلينا بنظام الأئمة عقب خروج العثمانين عام 1918م فيما الجزء الجنوبي ابتلى بنظام استعماري بغيظ حتم على أرضنا قرابة 138 عاما لكن شعبنا لم يستكين لهذين النظامين فقاد عدد من العلماء والمسلحين ثورة عارمة لإقامة نظام دستوري عرفت بثورة الدستور عام 1948م والتي تعد ثورة التغيير الأولى وإن كان مصيرها الفشل إلا أنها كانت اللبنة الأساسية لقيام نظام دستوري. وتوالت ثورات التغيير في عام 1955م مرورا بمحاولة اغتيال الإمام أحمد في الحديدة مطلع عام 1961م وصولا إلى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م.
ولم يكن الجنوب المحتل بأحسن حالا من شماله ففرض المحتل سياسة فرق تسد بين أبناء الجنوب الذين لم يستكينوا للاحتلال وقادوا الثورات عليه بدعم ومساندة إخوانهم في الشمال والذين بادلوهم الوفاء بالوفاء ليؤكد اليمنيون للعالم واحدية الثورة اليمنية وواحدية الهدف والمصير تأكيدا على واحدية الوطن أرضا وإنسانا والتي كانت وستظل نبراسا مضيئا لليمنيين تضيء لهم الطريق نحو الوصول إلى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بعد أن فرض عليهم التشطير قسرا إبان عهد الأئمة والاستعمار وفي تأكيد على واحدية الثورة اليمنية مثلت عدن نقطة انطلاق لمقارعة العهد الإمامي ومثلت تعز نقطة تواصل لإسقاط النظام الإمامي وبسقوطه قام نظام جمهوري صبيحة الـ26 من سبتمبر 62م بيد أن أحداثا سياسية تشهدتها المنطقة إضافة إلى تأثيرات الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي قبل سقوط الأخير القت بظلالها على الأحداث المأساوية التي شهدها الوطن آنذاك وحدث ما حدث غير أن أبطال الثورة السبتمبرية ردوا الجميل لإخوانهم في الجنوب المحتل فقدموا الدعم والمساندة للثورة الاكتوبرية الخالدة والتي انطلقت من جبال ردفان وقاد البطل راجح لبوزة الشرارة التي فجرت الغضب ضد المستعمر واستمر الدعم والمساندة لثورة أكتوبر حتى تحقق رحيل آخر جندي بريطاني عن أرض الجنوب في الـ30 من نوفمبر 1967م.
كما ترسخ للنظام الجمهوري في الشمال بعد فك الحصار عن صنعاء في ديسمبر 67م وفيما ظل الصراع محتدما بين الثوار أنفسهم فيما عرف بأحداث أغسطس 68م مثل الحوار عاملا مهما في ترسيخ الأمن والاستقرار وترسيخ النظام الجمهوري والاستقلال أيضا فكان مؤتمر خمر وحرض نقطة مضيئة لتحقيق المصالحة الوطنية عام 70م كما مثل مؤتمر القاهرة بين الجبهة القومية والتحرير إشراقة عهد جديد وطي صفحة الماضي والتسامح والتصالح في ما بين كافة الفرقاء ولولا الاستقطابات الدولية إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي قبيل سقوط الأخير لتحققت الوحدة اليمنية ووحدة أهداف الثورة اليمنية والمصير المشترك من حوارات ترسيخ الثورة إلى حوارات تحقيق الوحدة.
وكما مثل الحوار طريقا نحو ترسيخ الثورة وتحقيق الأمن والاستقرار في كلا الشطرين وجدت اللقاءات والحوارات الوحدوية طريقا نحو تحقيق الوحدة اليمنية ففي خطوة جبارة تم عقد أول قمة بين قادة الشطرين آنذاك بالقاهرة عام 72م لتهدئة الأجواء المتوترة بين الشطرين والسعي نحو تحقيق الوحدة وتوالت اللقاءات الوحدوية في طرابلس والكويت تنقل اللقاءات داخل الوطن في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة ساهمت هذه اللقاءات في تشكيل لجان وحدوية وأرست أسسا لبناء وطن واحد وكيان واحد لشعب واحد ونجحت هذه اللقاءات والحوارات في تحقيق الوحدة واقعا معاشا على الوجود ظهيرة الثلاثاء 22 مايو 1990م ففي هذا اليوم أعلن اليمنيون انتهاء العهد التشطيري وميلاد يمن جديد يمن الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية وبتحقيق الوحدة تحقق الأمن والاستقرار وترسخت الوحدة الوطنية خاصة في ظل نظام ديمقراطي تعددي لم يستثن أحدا منه وتطور النظام في ظل الوحدة فمن الاستفتاء على دستور دولة الوحدة عام 1991م إلى الانتخابات البرلمانية الأولى في 93م بمشاركة مختلف القوى السياسية وأفرزت ائتلافا وطنيا ضم ثلاثة أحزاب رئيسية غير إن غياب مفهوم الحوار أفرز أزمة سياسية طاحنة وخلافا عميقا انتهى بحرب صيف 94م وحدث ما حدث من إقصاء وتهميش واستقواء وأصبحت الوحدة بدلا عن شراكة سياسية غدت ضما وإلحاقا ليس إلا كما غدا النظام الديمقراطي هشا لا قيمة ولا معنى له وفقد بريقه المشرق الوضاء.
الحوار الوطني اليوم
من ترسيخ

قد يعجبك ايضا