العلاقة بين التغيير والتدمير ¿
د\عبد الله علي الفضلي
كنت مارا من أحد الشوارع ولفت نظري منظر بيت كان مكونا من طابقين أثنين كان هذا في اليوم الأول وقد مررت من أمام ذلك البيت في اليوم التالي وفجأة وبين عشية وضحاها اختفى ذلك البيت من موقعه وكأن الأرض قد انشقت وابتلعته إلى الأسفل وأصبح أثرا بعد عين ولم يبق من ذلك البيت إلا الأطلال والأرض الخاصة به وحينما سألت أحد الجيران عن ذلك البيت قال إن صاحبه قد أحضر ليلة أمس جرافة كبيرة وقام بهدم البيت وإزالته في ساعات محدودة تمهيدا لبناء بيت حديث .
فقلت في نفسي إن هدم وتدمير أي شيء أو مبنى أو كيان معين سهل جدا وقد لا يستغرق الهدم إلا ساعات أما البناء فإنه قد يستمر لسنوات .
فنحن نبني ونشيد المباني الكبيرة والمصانع والمشاريع والجسور والأنفاق والحدائق والمدارس والجامعات لعدة سنوات أو عقود وفجأة يأتي من المتخلفين وفاقدي الوطنية والإحساس بحب الوطن والانتماء إليه ومن الحاقدين على تلك الإنجازات فيقوم بهدمها وتدميرها ونهبها وتحطيم ما بها ومصادرة ممتلكات عامة ويصب جام غضبه وحقده على تلك المباني أو الجسور أو الطرق والأنفاق أو المباني المدرسية أو المعاهد التقنية فيحولها إلى أثر بعد عين وكأنها لم تكن وبقلب بارد .
فهل من مبادئ وأهداف التغيير هو الهدم والتدمير لكل شيء ¿
فالشعوب المتحضرة في أوروبا وأمريكا والتي مرت بثورات وبراكين وعواصف وأعاصير وحروب مدمرة قد شعرت أن الهدم والتدمير لأي شيء يخص أو ينتمي إلى الوطن ليس له علاقة بالتغيير الذي يطالبون به في مظاهراتهم واحتجاجاتهم الحضارية السلمية التي تتسم دائما بالهدوء والنظام والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة فيحصلون على مطالبهم التي خرجوا من أجلها دون هدم أو تدمير .
ولكن دعاة التغيير في البلاد العربية يهدمون ويدمرون ويحرقون كل شيء بنوع من الثأر والحقد والغضب فيصيبون البلاد في مقتل ولا تقوم لها قائمة فلا سياحة خارجية ولا استثمارات أجنبية ولا تنقلات ولا زيارات للأجانب ولا أمن أو أمان أو طمأنينة أو سكينة أو استقرار . وتتحول البلد إلى فوضى خلاقة وتقضي على القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية وتعمم بدلا منها بقيم وأخلاق ومبادئ مبتكرة لا صلة لها بالدين الإسلامي وتبرر القوى الفوضوية أعمالها التخريبية إن ذلك من لزوم التغيير .
فهل عملية التغيير التي يدعون إليها لا يمكن حدوثها إلا من خلال الهدم والتدمير وتتحول البلاد إلى أعجاز نخل خاوية أو بئر معطلة وقصر مدمر وليس مشيدا فالتدمير عملية سهلة والبناء عملية صعبة وتحتاج إلى سنوات لإعادة ما تم تدميره .