حتى لا أنسى زليخا الفيسبوكية

■ عبدالرحمن غيلان

(1)
لم أكن في البئر ساعة يوسف ..
كنت أمهد للعابرين طريق البئر ..
وكان قلقي على البئر أن تقع في عشق يوسف ..
أكثر من قلقي على الصبي المسكون بخمر الرضا من كل الكائنات ..
/
الآن يجب أن أنام في نهد الطمأنينة ..
وأرشف حلمات المدينة التي قدت ثوب أخي ..
كي تعريني من فاجعة الحياة .

(2)
لم أكن حينها في الماء ..
كنت أرتب مخدع يوسف في السجن ..
/
كان البخور طريق الصدفة للرؤيا ..
والسقف الأزلي يبتسم للفتى الممهور بحب النسوة ..
والليل محراب الظنون لقصة آتية ..
لم تفصح عنها سكاكين البغي النبيل
لكنها فسحة المقيل المأخوذ بحمى الإشتهاء .

(3)
لم أكن حينها في الماء ..
كنت ألملم بقايا المöزق البالية في خيمة البادية ..
لألتحق بالقافلة المنسية في جوف الصواع ..
/
كان القصر يكتظ برائحة الشهوة ..
والجوع ينهش ما تبقى بي من رغبة يسارية تذبحها كروش رجالات القصر ..
والموعد لم يحن بعد ..
/
الآن سأتعرف على فتاة من جنوب الحظ ..
ستدخلني فورا في حديث الفاكهة ..
ولن أعلق في شوكة اللقاء المستحيل .

(4)
لم أكن في البئر ..
كنت أتأمل حيرة الإخوة الأعداء ..
وأفكر بنزع آخر أزرار ثوبي ..
لأمشط أرصفة المنفى الجديد دون رائحة تشي بهم ..
/
كنت أقرأ في الأزقة حدسي الطفولي ..
كم اشتهيت الحلوى ” الإبراهيمية ” المخبأة بصدر حبيبتي ..
غير أني لا أملك شيء .. سوى مالا تدركه حتى اللحظة ..
.
.
الآن يمكنني أن أبث الرعب في المدينة ..
لألتهم حظي جيدا ..
وأبدأ خطتي القادمة .. بعيدا عن شجو الذكريات .

(5)

لم أكن في البئر ..
كنت أحدق في نمنماتö الخزينة ..
وأفتح بابا إلى الحلمö في ضجة العائلة ..
وأحرص ألا اطارد وهم السكاكين ..
كي يستريح الغريب إذا فر من خيبة واعده ..
/
كان ثوب أبي في الفراغö ملاذ ..
وكان أخي في قميصي هزيل ..
يفتش عن وطن ضل حتفه ..
ولكنه ظل شوكا يخبئ في خافقيهö يناعة وردة ..
وكنت الرحيق ..
.
.
يالهذا الطريق .. البريق .. العميق .. الغريق ..
ويا موعد البارحة .. لا تخف ..
سوف يأتي الزمان زمان من الرقصö فوق أوارö الدخان ..
سو.. فاصطبر ..
و.. اغتنم هدأة الغنجö في ركضة المشتهى ..
هدهöد المستحيل بزحف الأنامل للضوء في كوة لا تنام .

(6)

لم أكن حينها في البئر ..
كنت أضاجع رمل الغروب ..
وأسكن في شرفة الشمسö ..
أصرخ أيتها العير ..
إن الأماني وشاية ..
/
كان حظ الأباريق في كف يأسي كمنجة وعد ..
وحظ العصافير في تعويذة الوصل بحة نأي ..
وكنت الفضاء الذي ألجمته المتاهة في قبلة عاصفة ..
وأصرخ ..
أيتها العöير .. هاتوا يدي وفمي ..
وارحلوا في الفناء.. البقاء ..
.
.
مر عام كتسعة أعياد لا يبرق الغيم فيها ..
ولا يستجيب المدى للقصيدة كي أستكين ..
ولا أنطفئ .

(7)
لم أكن يومها في البئرö ..
كنت أؤرخ مملكة لا تزال تزاول أشيائها في الفراغ ..
ويعلم صحو الهواجس فيها ..
أنها للزوال ..
/
كان وجه المدينة يرفل في القبعاتö ..
وفيض العمائم ..
والمئزر المصطفى من عيونö النهارö ..
يراود ليل اختناقي بليلي ..
ويصفع فجر اصطباري بصحراء حسناء كالفاجعة ..
.
.
كنت اشتهاء الحواديت ..
كم أشعلتني الأزقة تينع في خافقي طعنة كالبخور ..
والنوافذ حيرى ..
واللعين يصلي لموجة بحر يجف ..
إذا ما تبختر في وجنتيه بريق المصير .

قد يعجبك ايضا