كوابيس عالق في محطة بترول..!!

عبدالله الصعفاني

مقالة


 -  مش عجبة.. أنت في اليمن.. عبارة تسمعها في كل مكان.. ومع كل سلوك عابث لا يجد من يضبطه.. عطل حركة الشارع بسيارتك دونما حرج.. أنت في اليمن.. تجاوز الناس في أي طابور.. أنت في اليمن.. أقذف بالقمامة في أي مكان.. أنت في اليمن..
مش عجبة.. أنت في اليمن.. عبارة تسمعها في كل مكان.. ومع كل سلوك عابث لا يجد من يضبطه.. عطل حركة الشارع بسيارتك دونما حرج.. أنت في اليمن.. تجاوز الناس في أي طابور.. أنت في اليمن.. أقذف بالقمامة في أي مكان.. أنت في اليمن.. والسلسلة طويلة..
> وعذرا أيها الفاسد الكبير والعابث الصغير.. مالها اليمن.. اليمن بلد عظيم لم يقلل يوما من شأن الفضيلة.. وليس في موروثها وكتاباتها الحميرية والسبئية أو موروثها الديني أن الفاسد وقاطع الطريق والعابث بالذوق العام هو ثروة قومية أو حيوان «الباندا» النادر..
لكنها ثقافة العبث التي يرعاها كل هؤلاء الفاسدين العابثين المترهلين من الداخلين في المكاسب والخارجين من الخسارة..
> أكتب هذه اليوميات وأنا عالق في طابور طويل من مواطنين ينتظرون فرصة الحصول على دبة بترول تمكنهم من قضاء مشاوير العيد بعد أن أهدرت مخزون سياراتهم في الدوران إلى محطات بترول أغلقت أمام المواطنين لأسباب صارت مادة للتفكه الحارق والنوادر السوداء .
> المشكلة يا صحاب ليست في اليمن التي أغرقناها نشيدا ورقصا شعبيا وفسادا وإنما المشكلة في نخبة الحكومة والسياسية ووجاهاته الاجتماعية الذين لا ينام كثير منهم دون أن يتركوا بصمة عبث وفساد واستهتار بالأحلام وفرجة على الأوجاع ورعاية لكل هذا الاحساس بعدم الجدوى.
> وعذرا.. لقد أفسدنا كل شيء.. أفسدنا ونحن نرتكب الخطايا والأخطاء.. وأفسدنا حتى ونحن نحاول الاعتذار.. وأفسدنا ونحن نعبث حتى بالفرص وبهذا البساط الأحمدي الذي يرفض أن ينقطع أمام قوافل «المتبرطعين» من الفاشلين.
> انتظاري لدوري في الطابور الطويل لمحطة بترول هي المحطة اليتيمة على مستوى شمال العاصمة يدخلني في غفوات هي خليط من أحلام ترفض أن تتحقق وكوابيس لا تكف عن التمدد.. وها أنذا أصل إلى نهاية الطابور ليقول لي عامل المحطة.. خلاص.. بح.. ما فيش بترول..
> هذه الكوميديا السوداء تضعني في موقع ذلك الذي انتظر حلم التغيير وصيد العمر.. وجاء العيد الحلم عندما اصطاد قارورة مياه غازية فقام برجمها فتصاعد منها الدخان والنار والصدام.. لكن العفريت الموعود لم يخرج من القارورة.
> بودي أن أغني مع الآنسي «مش وقت يا خي عيد» وحيث وقد تعذر ذلك بعد الذي كان من شأن فشلي في الحصول على دبة بترول ليس من سبيل سوى الهجرة إلى حكايات واقعية في بلاد تركب الأفيال وتربي الكلاب لكن القانون هناك سيد الأخلاق.
> سرق لص هندي قلادة ذهب فأمسكت به الشرطة بتعاون الأهالي.. ابتلع اللص القلادة وقرر أن ينكر سيرا على المثل قالوا للحرامي احلف قال جاءك الفرج.. لكن الشرطة المحترفة من المحترمة.. أخضعت معدته للتصوير بالأشعة فظهرت القلادة في معدته واستعان الشرطة بالأطباء الذين نصحوا بإجباره على تناول أربعين موزة.. وقضى اللص سهرته مع تناول الموز الإجباري وسط رقابة شديدة ولصيقة من الحراس.. ومن غير المعروف إذا ما كانت الشرطة أجبرته على بلع مسهلات.. إنه القانون..
> وحتى يتفادى سائق سيارة كندي الخضوع لفحص نسبة الكحول ويتعرض للعقوبة قام بمحاولة ابتلاع جواربه ولما لم يستطع أدخل رأسه في المرحاض . أعزكم الله وابتلع سائل حفظ العدسات اللاصقة ورفض الشاب النفخ في بالون اختبار الكحول ليمثل أمام المحكمة بتهمة رفض الخضوع للاختبار.. وهي تهمة أشد خطورة من جنحة القيادة تحت تأثير الخمر.
> وأما والملايين يقفون اليوم في عرفات الله يعتذرون ويطلبون العفو فليس أقل من أن نطلب من هؤلاء الذين سودوا عيشتنا أن يعتذروا للشعب ويسارعوا إلى إصلاح خطاياهم ماذا وإلا فسنعلن الاضراب الشامل عن أي فرحة وأي عيد.. ودبة بترول يا محسنين!!

قد يعجبك ايضا