بأي حال عدت ياعيد

عبدالرحمن مراد

مقالة


 -  في كل الديانات السماوية أو الوضعية هناك أيام فاصلة في حياة الأمم تكون لهم عيدا أو مناسبة فرائحية وهي في حقيقتها حالة من حالات الانتقال والتبدل والثبات طوال عام من الزمان يبعث على الرتابة والملل والرتابة والملل بدورهما يكونان
في كل الديانات السماوية أو الوضعية هناك أيام فاصلة في حياة الأمم تكون لهم عيدا أو مناسبة فرائحية وهي في حقيقتها حالة من حالات الانتقال والتبدل والثبات طوال عام من الزمان يبعث على الرتابة والملل والرتابة والملل بدورهما يكونان سببا في الفساد في الأرض ومثل ذلك تحدث عنه القرآن في جل آياته بيد أن المشكلة تكمن في سوء الفهم والتأويل وربما في خطأ القراءة للسياقات العامة فالعقلية التي تتقبل الكليات المنطقية دون تجزئتها أو تحليل عناصرها لا يمكنها أن تدرك حكمة الله ولا مقاصد الإسلام والنص المقدس فالذين يتعاطون مع الدين الإسلامي وفق فهم الفقهاء الذين فهموه وفق سياقات ومعطيات زمنهم الذي كانوا فيه لا يمكن لهم أن يحدثوا متغيرا حضاريا في حياة المسلمين ولايمكن لهم أن يسهموا حتى بقطرة في نهر الحضارة المتدفق فالإسلام كما نؤكد دائما ليس قالبا جاهزا ولكن روح ديناميكية ورؤية وتصور ومفهوم متحرك قادر على التفاعل مع الحضارات والثقافات وقادر على الابتكار والإبداع ومقاصده واضحة وجلية لا يمكنها أن تتصادم مع الحياة والعمران والنمو والتقدم والازدهار.
ولذلك فالأمة الإسلامية ليست بحاجة إلى اعتصامات وثورات اجتماعية بقدر حاجتها الأشد إلى ثورة ثقافية تعيد الفكرة الإنسانية الشاردة إلى نسقها الطبيعي في المنظومة الفكرية والأخلاقية والروحية الإسلامية وتعيد الإسلام المغترب عن زمنه الحضاري والإنساني إلى ما كان الصدارة كما يريد الله لا كما يريد أولئك المتشدقون والمتفيقهون بالدين وبالإسلام والمزايدون به سياسيا واجتماعيا.
ليكن العيد كمحطة دينية وحالة انتقاله لحظة فاصلة لمراجعة الذات العربية والذات المسلمة في عمومها وليكن هو محطة الانتقال إلى زمن جديد لا يغترب عن واقعه ولا عن نسقه الحضاري وفرصة لإعادة الاعتبار للعقل العربي الذي حاربناه وكفرناه ووضعنا أمامه العراقيل والعقبات حتى لا يتمكن من القيام بدوره في التنوير المعرفي والانتقال الحضاري.
إن حالات الدمار الشامل في البنى العامة وثقافة الموت والأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة واستهداف الآمنين والمؤمنين والشعارات المضللة وموضوع الجهاد مع ما يصحبه من فتاوى مدمرة للبنية الأخلاقية والبنية الاجتماعية والثقافية كل ذلك وغيره هو الفساد بعينه فالذين يتحدثون عن الإصلاح يقعون في مربعات الفساد المدمر من حيث يدرون ومن حيث لا يدرون وكأن الله يخاطبهم حين يقول لهم (لا تفسدوا في الأرض)وهم يردون عليه إنما نحن مصلحون فيقول لهم إنكم مفسدون ولكنكم لا تشعرون فالقضية هنا قضية ثبات وتحجر والثبات والتحجر ضد فطرة الله وضد مقاصده في الأرض بدليل أن الله لو علم في الكثير ممن يقفون على منابر المساجد ويتضرعون بالدعاء خيرا لكان قد استجاب لدعائهم وأصبحت إسرائيل الآن شيئا مذكورا في صفحات التاريخ وفي السياق من سمع معتصمي رابعة العدوية ودعاءهم في العشر الآواخر من رمضان على قادة التغيير وحركة التمرد لقال غدا تصبح مصر مقبرة وغدا تتناثر أشلاء أولئك الناس في سماء رابعة العدوية ويبدو أن ثمة خللا قد حدث في المنظومة العقائدية ومن هنا يتوجب الحد من ظاهرة الوهم فالله لا يحب الفساد ولا يحب المفسدين وما يحدث في رابعة العدوية في مصر وحسب وسائل الإعلام هو الفساد بعينه فتعطيل مصالح الناس ليس من الإسلام في شيء وجهاد المناكحة ليس من الإسلام في شيء واستغلال حاجات الناس ليس من الإسلام في شيء وتكفير الآخر ليس من الإسلام في شيء وبالنص المقدس فالحساب على الله وليس معنيا به أحد من عباده فالذين يمارسون دور الله في حساب الناس ويخالفون نصه في قوله (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) إنما يسعون في الأرض فسادا من حيث اعتقدوا إنما هم مصلحون ولكنهم وقعوا في الفساد من حيث لا يشعرون (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون).
الموضوع الأخلاقي والقيمي جانب مهم وحيوي في المنظومة العقائدية الإسلامية واختلال نسقه من الظواهر المدمرة للمقاصد ولصورة الإسلام عند الآخر ولذلك كم نتمنى أن يكون هذا العيد هو تلك اللحظة الفاصلة في حياة المسلمين والباحثة عن نسقها الحضاري والثقافي الجديد.
لا نتمنى أبدا أن تتكرر الصورة النمطية للحالات الانتقالية ونكرر منذ عصر المتنبي وحتى اللحظة الزمنية الجديدة ذات الصورة ولكننا نتمنى أن نتغاير ونتطور ونكون نحن ونخرج من حالة الاغتراب الحضاري ..
وكل عام وأنتم في خير وعافية.

قد يعجبك ايضا