لا يضمر.. ولا يصرح

محمد المساح


 -  لم يعد يتفحص الأشياء التي تواجه البصر.. كما كان في الأيام الخوالي.. يقف أمامها مدققا ليس تدقيقة بالتأكيد اكتشاف الغموض المستتر خلف ملامحها الظاهرة أو ذلك
لم يعد يتفحص الأشياء التي تواجه البصر.. كما كان في الأيام الخوالي.. يقف أمامها مدققا ليس تدقيقة بالتأكيد اكتشاف الغموض المستتر خلف ملامحها الظاهرة أو ذلك التدقيق.. الذي يدفعه لامتلاكها إذا كان قادرا على اقتنائها. كان التفحص والتدقيق نابعين من نوع من الفضول الفوضوي الذي يسكنه وهو طبع جاء إليه عن طريق العدوى.. فظل في داخله كالوسواس لزمن طويل قد يصل أحيانا إلى نوع من الجنون أو حالة إدمان.. ورغم هذا التوصيف العارض فقد كان ذلك الفضول الفوضوي يشبع لديه.. تصورا كاملا بالامتلاك وإن كان حقيقة مجرد وهم.. وهم فقط مر الزمن من جمبه وهو يتفرج يتفحص يدقق يتفرس.. إلى حد أن من كان يشاهده وهو في تلك الحالة الاستغراقية.. بخبير يدرس بتعمق حقيقي وغير مدعي.. ورغم مرور الزمن الذي امتص العمر كله.. وانقضائه هباء منثورا.. فقد كان يمتدح تلك الطبيعة من الفضول الفوضوي الممتزج بقليل من البلاهة واللامبالاة.. أنها أي تلك الحالة.. قد ملأت فراغ زمنه المجاني.. التي لولاها.. لغرق في الجنون وتاه في دروب الدنيا والزمن.. أما والآن وقد وصل إلى هذه الحالة العكسية تماما.. ولم تعد الأشياء تلك تجذب البصر ولا تثير لدى الحواس أدنى مشاعر الإحساس.. فإن هذا التوقف المفاجئ.. وإن كانت المظاهر.. قد بدأت تشير عن تراكماتها وهي تترسب تدريجيا في النفس والإحساس.. ولم يحسن بالتأكيد معالجة الاختلالات التي كانت تطرأ عليه وتجاهلها بقصد أو بغير قصد.. فإنه الآن لا يستشعر الأسف ولا الندم.. كلما في الأمر.. ولو سأل نفسه وإن كان غير قادر على طرح أي تساؤل كان حتى لو افترض إن كان قادرا على إضمار في داخله لمجرد التساؤل.. فهو لا يملك أي جواب.

قد يعجبك ايضا