الجامعات بحاجة إلى مشرط جراح وليس للجنة وزارية

أ.د عبدالله أحمد الذيفاني

 - عجبت كثيرا وأنا أتابع أخبار التاسعة من قناة اليمن ليلة 2 أكتوبر 2013م حين سمعت خبر تشكيل لجنة برئاسة وزير التعليم العالي وعضوية وزير التربية لمراجعة وتقييم مناهج
عجبت كثيرا وأنا أتابع أخبار التاسعة من قناة اليمن ليلة 2 أكتوبر 2013م حين سمعت خبر تشكيل لجنة برئاسة وزير التعليم العالي وعضوية وزير التربية لمراجعة وتقييم مناهج التعليم وتصويبها.. وموطن العجب أن وزير التعليم العالي لم يطرح على المجلس أن الجامعات لا منهاج لها بل تسير العملية التعليمية فيها وفق مفردات يتم التوافق عليها في الأقسام وتترك العملية التدريسية لأعضاء هيئة التدريس إلا أن الجامعات تفتقر إلى وثيقة المنهاج الأمر الذي جعل رأي الأستاذ الجامعي في اختيار المعلومة وصياغتها هو السيد ولو كانت وزارة التعليم العالي تتابع هذه العملية وتقوم الجامعات على أساسها لوجدت ربما جامعة أو اثنتين تمتلكان رؤية لمناهجها التعليمية.
إن التعليم الجامعي أسير عضو هيئة التدريس ليفعل بها ما يشاء يعد بعضهم ملازم ما أنزل الله بها من سلطان وبعضهم يعد كتبا يقر على الطلبة من باب الاستثمار وبعضهم يكلف الطلبة بالبحث والإطلاع في بطون الكتب رغم الفقر الشديد في المكتبات الجامعية لأنها ليست أولوية وصدقوا أو لا تصدقوا أنه لا توجد ميزانية خاصة بالكتب وترصد المبالغ ضمن بند القرطاسية وحين تستنفد الجهات المعنية شراء القرطاسية تسمح بصرف ما تيسر لشراء كتب وهي مأساة كبيرة…
كتبنا كثيرا عن التعليم الجامعي وكتبنا أكثر عن أحوال الجامعات وطلبنا عبر الكتابة والندوة والمؤتمر إصلاح حال التعليم الجامعي وإعادة هيكلته وإناطة مهمة التخطيط له وقيادة شئونه إلى اختصاصين يدركون طبيعة هذا المستوى التعليمي الذي يختلف بالجملة والمطلق عن بقية المستويات باعتباره التعليم الذي يعد اختصاصين يفترض بهم أن يخرجوا إلى أسواق العمل الرسمي والأهلي والمختلط بمعارف ومهارات وخبرات تساعدهم على الانخراط والاضطلاع بدور حيوي في حركة التنمية وخدمة المجتمع وتنشيط حركة الحياة العملية والمجتمعية بعامة لا أن يتخرج الشباب من الجامعات وهم في حالة عجز وعدم قدرة على الإسهام الفعال في الوظيفة العامة والأهلية والمختلطة ومن ثم تصبح فرص إحداث النقلات النوعية محدودة وضعيفة بحكم محدودية قدرات العنصر البشري وضعفها..
إن واقع الجامعات اليوم يدمي القلوب والجروح الأعمق في النفس تأتي من صناع القرار الذين لا يحسنون اختيار قادة هذا النوع من التعليم فضلا عن عدم وضع حدود لصلاحيات الوزير في تسيير دفة البرامج والأنشطة التي تقوم بها الجامعات بما أنها تعين أناسا غير ذوي اختصاص فعليها التأكيد أن شأن الوزير وصلاحياته تنحصر في المستوى السياسي والإشراف على وضع السياسات والاستراتيجيات التي تناط مهمة إعدادها إلى فرق عمل من الخبراء لا من الخبرة وتحرير الوزارة ومثلها وزارات التعليم الأخرى من هيمنة المانحين الذين يتحكمون بالبوصلة ويحددون الاتجاهات ولي في ذلك خبرة ولغيري أيضا نفس الخبرة مع هذه الوزارات.
من هنا أقول إن اللجنة المعلن عنها في الأخبار عن مجلس الوزراء يفترض أن تقتصر على وزارة التربية والتعليم التي لديها إلى حد ما وثائق للمناهج ومثلها وزارة التعليم الفني والتدريب المهني والأمل أن يعاد النظر بواقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لأنها من وجهة نظري لا تحقق تعليما مبرمجا يرفع من مستوى المخرجات ويؤهلها للتعامل مع السوق المحلي والإقليمي والدولي ليس بمفهوم الارتباط البليد بالسوق ولكن بمفهوم صناعة الجامعات للأسواق وتوسيعها وتطويرها من خلال البرامج البحثية والعلمية والتعليمية وإخضاع الجامعات للرقابة والتقويم والتعويل في هذا الجانب على المجلس الأعلى لضمان الجودة والأمل برئيسه أ.د. عبد اللطيف حيدر وبالكادر العامل معه والذي لن يتحرك إلى الأمام إلا بإمكانيات وصلاحيات وكوادر مؤهلة على مستوى كل جامعة تتولى هذا الشأن…
أطلب من مجلس الوزراء تشكيل لجنة تنزل إلى الجامعات وتسأل الأساتذة والطلبة وتقف على أحوالها وتطلع على اختناقاتها واختلالاتها وتحديدا ما يتوافر فيها من إمكانيات مادية وبشرية وموازنات مالية وقدرات بحثية متمثلة بمراكز البحوث التي تشكل قنوات إنتاج المعرفة وتجديدها وإثرائها والجامعات التي لا مراكز بحثية فيها خرائب تفتقر إلى الحياة العلمية النشطة والفعالة..
نريد من مجلس الوزراء الوقوف على طبيعة التعليم الجامعي من خلال خبراء يدركون معانيه ومضامينه ومضانه وأبعاده لا من خلال لجان رسمية تعمل على سد الذرائع والبحث في السطح وترك الأسباب المؤثرة تحت السطح تفعل فعلها في تدمير مؤسسات يفترض بها أن تكون مؤسسات فاعلة في معالجة اختناقات البلد ومشاكله التنموية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية برؤ

قد يعجبك ايضا