هل من مواطن صالح¿
يكتبها: علي أحمد بارجاء

> نتفكر في هذا الزمن الذي تحكمه الفوضى والعشوائية واللامبالاة والفساد والصراع الزمن الذي طغت فيه متطلبات المادة على حاجات الروح فأصبحنا نتساءل عن وجود المواطن الصالح النافع المحب للخير لأمته ووطنه.
إن ما يحدث يشير إلى أننا أصبحنا من الطالحين وإن بنسب متفاوته قد تعلو درجتها وقد تقل فلا تعدو شيئا يذكر ولكنها تظل درجة هي التي تبعد الإنسان عن الكمال والكمال لله وحده وإذا افترضنا أن التعميم هنا خطأ ولا ينبغي أن يكون فإن الحكم على الجميع بالصلاح مناف أيضا للحق والواقع.
نحن بحاجة إلى أن يسأل كل منا نفسه بصدق فيما إذا كان صالحا أو طالحا وما الصفة الغالبة عليه أهي الصلاح أم الطلاح ليراجع كل منا سلوكه في يومه كما يراجع التاجر أرباحه وخسائره كل يوم لكي يغير سلوكه إلى الأفضل فيكون مواطنا صالحا قدر ما يستطيع والاعتراف بالحق والإقرار بالخطأ فضيلة.
لو كان في السياسة رجال صالحون لصلحت الدول والأنظمة وظهر أثر ذلك على المواطن الذي غالبا ما يكون في الجمهوريات العربية المجيدة بائسا فقيرا مغلوبا على أمره وإذا كان علماء الدين والدعاة صالحين ما كنا ضحية الاختلاف ولما وجدت فئة تدعي أنها هي الفرقة الناجية وسواها كافر ضال يستحق الموت ولو كان التجار صالحين ما كنا نعاني من الاحتكار والغلاء ولو كان رجال الشرطة والجيش صالحين لكنا ننعم بالأمان والسلام ولو كان رجال العدالة والقانون صالحين لكانت الحقوق والحريات مصانة ولما كنا نجد مظلوما يبحث عمن ينتصف له أو ظالما يعيش مطمئنا حرا طليقا وقس على ذلك كل ذي عمل في الشأن العام والخاص.
كلنا طالحون لأن حياتنا تخلو من مواطن صالح يتولى أمرا من أمورنا أو شأنا من شؤوننا. ندعي أننا صالحون كمن يدعون وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا ونعلم أن في نفوسنا شيئا طالحا ولكنا نغالط أنفسنا ونبرئها ونكيل التهم لغيرنا بأنه السبب في تعاستنا. نقرأ قول ربنا تبارك وتعالى: “إن الله لا يغيöر ما بقوم حتى يغيöروا ما بأنفسهم” ونريد أن نغيöر حياتنا إلى الأفضل ولكنا لا نريد أن نتغير. غاب عنا الوازع الدöيني ولم نعد نحسب لما ينتظرنا في آخرتنا من جزاء.
نفعل السوء بثقة وفخر ولم نعد نبالي بما سيقال عنا طالما سنحقöق من فعل السوء مصلحة أو منفعة وصار فعل الباطل دليل ذكاء وشطارة وفهلوة بمقياس العصر الحاضر. ساد في حياتنا الأشرار والطالحون وتواضع الصالحون وخفتت أصواتهم وأقصوا من المشهد جانبا وكأنهم في زمن غير زمنهم. وغاب مع غياب الصالحين مبدأ الثواب ولم يعد للعقاب ذكر فيهاب جانبه فكثر الطالحون وانتشرت شرورهم فصح المثل السائر القائل: (فإذا غاب القط فالعب يا فأر).
إذا لم يعد يهمنا أمرنا فهل لدينا إحساس بأبنائنا الصغار الذين يتعلمون منا لأنهم يراقبون سلوكنا وأفعالنا ويترسخ في أذهانهم أننا نفعل الصواب لأننا قدوتهمهم وأكثر منهم معرفة وتجربة وخبرة بأمور الحياة وشؤونها ونحن نربيهم ليكونوا مواطنين صالحين ولن يكونوا كذلك إلا إذا صلحنا وصلح معلموهم لنكون نماذج حية لما ترسخه المناهج الدراسية فيهم من قيم الحق والخير والصلاح.
