القادم المجهول
عمر كويران
كلما أبعدت النظر إلى ما هو أبعد زاد خوفي مما يخفيه القادم بمجهول ملحقه من عطايا في حسابات الزمن وما سيسفر عنه من منغصات في طي ما يحمله جيل ذلك الوقت من عدم مبالاة وانعدام قدرة على مواكبة المستقبل بسجله الحافل بكل المفاجآت التي لا يستطيع هذا الجيل التعامل مع الجديد في هذا السجل .. وكم أخاف أكثر حين أقيس مجال العلم بتعلم ما هو على رحل المتمني منه وأرى وأسمع ما هو في سطور مدارسنا وجامعاتنا من مسقى غير مؤهل لتطبيع العلاقة مع القادم المجهول فأجد أن المنتظر نظيره مواز لخوف الجميع من هذا المستقبل المشحون بجهل القادمين إليه بمحصل ما لديهم من فهم معكر ومعرفة ساذجة لا يؤمل بمقياس مقدارها وهذا ليس تشاؤما بل حقيقة دامغة في نهج الممتلك لزاد غير مزود بنكهة الأمل ولا منتج الأمان.
تجوب معالم الحاضر فجائع وحالات عدم انسجام مع الواقع بعموم محطاته وتبرز علامات غير واضحة لتضاعف خوفنا من كل خطوة نخطوها إلى الأمام لسياق ما نعيشه من وضع نخاف أن يواكب مسارنا ليعيق كل الأحوال بنفس المعيار الذي سرنا عليه في العهود الماضية حتى وإن كان السعي يمدنا بالطموح الزائد لكنه طموح من غي ميزان .. وعليه نبني جداره من دون قواعد تجيز للبناء الوقوف بصلابة لمواجهة كل المعيقات لأن أساس المشكلة لم يتغير كما ينبغي للجميع تقنين تغييرها في خضم المطالبة بالتغيير .. فكل واحد يرى فيما يقيس به رؤياه .. ولن نتمكن من الخروج من نفق الظلمة إلا إذا اخترق النور جدار الظلام وتحسسنا دفئه في أعماق عقولنا ربما نلحق قطار الترحال إلى محطة الوقوف الأولى لتسليك فكرنا ومدى معرفة مؤهل دخولنا إلى ذلك المجهول بعد إعادة ترتيب الأوراق في ملف المطالبة بحال يمنحنا ثقة النفس ببعضنا قبل كل شيء ثم الولوج إلى مبتدأ ما نحن بصدده للإفراج عن الضائقة التي بنا كخطوة أولى جميعنا بأمس الحاجة إليها .. بدلا في التريث في المسير بسيرة لم يكن عليها حتى أباؤنا في القدم نحرث في بحر تتلاطم أمواجه بنا بين الحين والحين ولا نجد من ينقذنا من هاوية المعاناة.
الأغنياء بمال الملك من رعاة الأبقار والغنم في عز مكانتهم بيننا بما طاب لهم من نعم.
والفقراء من أهل السقم يتمرعون بين براميل القمائم وميدان الشحاتة .. فيما لم يعد من فئة الوسط إنسان يمكن عبره نتجاوز المحن .. لهذا سيطرت طبقات العلاء ووضعت البقية في الهاوية فكيف نحصل على معلومة القادم وجهل الجهل – جهل بلادنا – ويا قافلة عاد المراحل طوال.
وأن كان بصيص الأمل يراودنا في رحم ما ستفرزه طاولة حوار الوطن في لحمة المبادرة التي ستعزز الطلب وعلم ذلك في غيبية المعلم بما حكم قدره والقضاء والشرق والغرب هم بلاؤنا كل يريد بما له تعكير أجوائنا ونهب ثرواتنا وإخراجنا إلى دهاليز الفتن.
واليمن حبلى والله يخارجنا من تكاليف الولاد.