ص . ب 69

عبد الرحمن بجاش

 - ذات لحظة ...ذات مرحلة ...كان شارع علي عبد المغني محور الكون في هذا البلد حيث ماج هذا الشارع الذي تمنيت بدون جدوى أن يتحول إلى فيلم سينمائي يحكي ويصور ربما أهم المراحل سياسيا وإنسانيا ... اقتصاديا وثقافيا حين امتلأ الشارع بالحلم من كل نوع وبالحالمين من طرفها إلى طرفها للأسف الذي ما بعده
عبد الرحمن بجاش –
ذات لحظة …ذات مرحلة …كان شارع علي عبد المغني محور الكون في هذا البلد حيث ماج هذا الشارع الذي تمنيت بدون جدوى أن يتحول إلى فيلم سينمائي يحكي ويصور ربما أهم المراحل سياسيا وإنسانيا … اقتصاديا وثقافيا حين امتلأ الشارع بالحلم من كل نوع وبالحالمين من طرفها إلى طرفها للأسف الذي ما بعده أسف فكل شيء يذوي ..يذوب .., ولأنني ارتبطت بالشارع فأعمل على زيارته بين الفينة والأخرى ربما لأودع كل مرة ملمحا من ملامح ما شهده علي عبد المغني …وجوه .. وأماكن .. أزور عبد الرقيب في الفصول الأربعة, أمر على علي فلسطين فلا أجده فقط عيون جديدة تتفرج عليك من رأسك حتى أخمص قدميك ضانة أنك من الضرائب أو الواجبات ,!! أمر على عبد الناصر الثانوية, فلا أجد ضالتي بل مبنى لا علاقة لي به اقترب من مخبز عبده الكيله فلا أجد له أثرا, أبحث عن سعيد أنعم عند استوديو النجم فيستغرب ذلك الشاب ( منو سعيد أنعم ) أتوغل حيث بيت صبرة ومطعم مصلح البعداني فلا أجد أحدا !!, أذهب إلى المستودع الشرقي …كان هنا ذات يوم !!, أعود أدراجي لأكفر بمن أمر بسحق منتزه التحرير حيث كان اليمن كله يأكل من يد محمد العليمي واحد سندويتش واحد شاهي  (أنت طالب رح لك) (أنت جندي لا تدفع) ….شارع ضج  بالبشر بتطلعاتهم بما أرادوه للبلد وسرق فيما بعد من الأوصياء !! أسأل عن فندق المخا فلا أجده عن طه يستقبل الخريجين فيقال : طه مات فتموت روحي طيب حميد هواش ¿¿ مات طيب أحمد شرف القدسي ¿¿ مات طيب الميري طيب الحدا في ركن عبد الناصر ماتوا, طيب عند الله وعندكم أين سينما بلقيس ¿¿ عادك مسكين أيش من سينما ¿, طيب عبدالكافي سفيان ¿¿ من !!!, طيب ص. ب 69¿¿ يضحك عليك أقربهم … ص. ب 69 !! الله يزكيك عقلك !! ليزكيني عقلي وأقول : يوم أن كان لا فاكس ولا تليفون سيار ولا ولا .. كان الطبل أو الجمال هو من يأتي ويذهب بين المقاتلين والعمال والطلاب والحزبيين والسياسيين والملاعين والمخبرين والعاشقين والكارهين كان مستودع الشرق الأوسط امتداد منتزه التحرير يمسك الكون من الطرف الآخر .. كان ثمة صندوق بريد رقمه 69 إليه تصل أشواق الناس وأخبارهم وطلباتهم شوق الزوجات حنين الأمهات لمن صعدوا يحلمون باليمن الذي لم يأت .. وربما لن يأتي !!! كان الصندوق إليه تهفو الأنفس وأشواق البسطاء من العمال منه تأتي أخبار القرى الأهل والخلان وأخبار الصراب والزرع والضرع !! كان ص. ب 69 ذات مرحلة بل مراحل أيام عز الشارع والبلد محجا لكل أولئك الذين رحلوا وظلت ذكرياتهم …كما هو الشارع يرحل كل يوم ولا ذاكرة تستوعب ما كان عليه ولا ما مثله ذات صباحات طرزها صوت عبد الباسط عبد الصمد وأمسيات لونتها أم كلثوم … وبينهما مسيرات ومظاهرات وخطاب لمستقبل يأبى أن يأتي !!! ويا علي عبدالمغني الرجل والشارع   ويا محمد مهيوب الوحش ويا عبد الرقيب ويا أحمد علي المطري ويا أحمد عبد ربه العواضي  ويا كل الذين مروا … سلام عليكم ….

قد يعجبك ايضا