السياسة كياسة
جميل مفرح
أثبتت بعض القوى والتنظيمات والتشكيلات السياسية على امتداد الوطن العربي أنها لا تتمتع بقدر كاف من الذكاء السياسي الذي يساعدها ليس على السيطرة والاقناع والفوز برضا وتعاطف القاعدة الجماهيرية وحسب بل على مستوى القدرة على التماسك والاستمرار والمنافسة كطرف من أطراف سياسية عدة تسعى لإثبات ذاتها وكسب شعوبها وذلك بالطبع لا يكون إلا من خلال ممارستها وما تتخذه من نهج تعتمد عليه كبرنامج طويل المدى وليس كعتبة مؤقتة تعبرها بالتزامن مع أي استحقاق انتخابي أو ديمقراطي شكلي للغاية.
❊ ولعل أكثر من يبرز للاستشهاد في ذلك جماعة الاخوان المسلمين أو السياسيون المتأسلمون كما يحلو للكثيرين تسميتهم اعتمادا على كونهم يتخذون من الدين أو الإسلام زيا ظاهريا يداعبون من خلاله عواطف ومرجعيات الشعوب العربية المسلمة .. فهؤلاء ورغم العمر الطويل الذي قطعوه وهم يتعاملون مع العمل السياسي وينشغلون به لم يحققوا استفادة حقيقية من انخراطهم في السجال السياسي في كثير من دول الوطن العربي ولم يستطيعوا الانسجام الحقيقي مع متطلبات العمل السياسي في العصر الراهن .. إنهم يتعاملون مع مجريات العمل السياسي الحديث بعقليات وأدوات كلاسيكية رجعية أصبحت تالفة وفاقدة ولا تتماشى مع ما هو كائن وجار في الوقت الراهن!!
الأسبوع قبل الفائت دعا وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي الشعب المصري إلى تفويض الجيش لمحاربة الإرهاب ومحاولة الحد من تفشيه وما ينتج عنه من أضرار وتبعات أكثر من سيئة في حق الدولة والشعب .. وكان الشعب المصري بأكمله ملبيا للدعوة وخرج فيما يشبه التفويض المطلق للجيش الذي يركن إليه المصريون أكثر من أي تمثيل أو تشكيل سياسي أو نظامي أو ما شابه ومن الشعب المصري أيضا من ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا يشيدون بدور الجيش ويعلنون الركون إليه والاعتماد عليه إلا أنهم تزامنا مع هذه الدعوة كانوا المستثنى الوحيد أو الطرف الأوحد الذي خرج منددا ورافضا لدعوة السيسي!!
❊ والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا احتج ويحتج الإخوان المسلمون على هذه الدعوة التي يقصد بها مواجهة الإرهاب¿ مع التأكيد على أن تلك الدعوة لم تمسهم لا من قريب ولا من بعيد بشكل مباشر كتنظيم أو جماعة سياسية متواجدة في الساحة بقوة!! لماذا اعتبروا ويعتبرون الإرهاب صفة من صفاتهم أو معنى من المعاني الدالة عليهم¿! وماذا كان سيحدث لو أنهم كانوا أول من يخرج لمساندة وتأييد هذه الدعوة¿! بالطبع كانوا سيحققون ضربة سياسية وجماهيرية تعيد لهم ما خسروه خلال الفترة الماضية في صفوف الشعب المصري من تأييد وتعاطف ولكن احتجاجهم على الخروج على الإرهاب كان بالطبع محطة اخفاق عبروها ليتلقوا على رؤوسهم ضربة موجعة أخرى!.
وهذا هو الذي أعنيه هنا أنهم قد يحققون جماهيرية واسعة بالصبر والعمل والكد لسنوات بل ولعقود ولكنهم سرعان ما يخفقون وينهزمون أو يهزمون أنفسهم أحيانا بعدم كياستهم السياسية وسلوكهم الاستعلائي الذي ينم عن جهل بمجريات ومواصفات وأساليب الع