الكهرباء ومعاناة الناس
صولان صالح الصولاني
صولان صالح الصولاني –
«تعرض خطوط الكهرباء لخبطة حديدية -خبطة حديدية تخرج محطة مارب الغازية عن الخدمة – تعرض ابراج الكهرباء لإطلاق نار- وتعرضها لتفجير إرهابي.. تعرضها.. تعرضها.. إلخ».
هذه البداية غير المبشرة لموضوعنا ليست غريبة على أحد فعادة ما يتجرعها المواطن – المغلوب على أمره – كأخبار فأل تطالعه بها الصحف المحلية والقنوات الرسمية عن الاعتداءات المتكررة على محطة مارب الغازية بصورة مستمرة وما هي إلا فترة اسبوع أو أسبوعين- إن لم نقل يوما أو يومين- التي تفصل ما بين الخبر الأول عن الخبر الذي يليه.
كما ان خبر الاعتداء على هذه المحطة العملاقة كان حاضرا بقوة خلال الازمة التي مرت بها البلاد وأدرج خبر انقطاع الكهرباء -ذائع الصيت- ضمن الاوراق الرابحة وما أكثرها التي كانت تستخدمها الاطراف السياسية ضد بعضها فترى كل طرف يتهم الطرف الآخر بأنه وراء قضية الاعتداء على خطوط الكهرباء ويحمله المسؤولية أمام الوطن والمواطن وبرغم التفاؤل الذي أبداه المواطن عندما تم الاعلان عن دخول محطة مارب الغازية إلى الخدمة بكامل قوتها التوليدية رافعا آنذاك شعار «كهرباء بلا انقطاعات متكررة» إلا أنه سرعان ما تبدد هذا التفاؤل بميلاد أول خبطة حديدية وامتطائها «صهوة» خطوط النقل مارب- صنعاء وإلى الآن لم يستطع أي شخص الاتيان بإحصائية شاملة لعدد الخبطات الحديدية والاعتداءات -المتكررة- التي تتعرض لها خطوط الكهرباء الآتية من محطة مارب الغازية.
كنا لا نعرف عن الخبطات الحديدية سوى تلك التي يستعملها الانسان في خدمته ومنها الخبطات التي تستخدم في سحب السيارات أو التي تدخل في صناعتها ولكن بظهور محطة مارب الغازية ودخولها إلى الخدمة ظهر نوع آخر من الخبطات الحديدية -وما أدراك ما الخبطات- فهذا النوع من الخبطات هو والظلام قرينان لا يفترقان عن بعضهما البعض فعندما يسمع أي مواطن عبر وسائل الاعلام عن خبر يتحدث عن خبطة من هذا النوع هنا أو خبطة هناك فهو لا يتردد عن إشعال شمعة حتى ولو جاءه الخبر في عز الظهيرة منطلقا من المثل الصيني الشهير «أن تشعل شمعة خيرا من أن تلعن الظلام» ولو أنه لا يأتي في هذا المثل أي ذكر لـ«خبطة» -لا من قريب ولا من بعيد- إلا أن الظلام وهذه الخبطة وجهان لعملة واحدة وبالتالي فالظلام الذي لم يأت ذكره في هذا المثل سوى مرة واحدة نقاسي معاناته بصورة مستمرة مقتفيا أثر أي خبطة حديدية يتم إسقاطها على خطوط الكهرباء ويعم هذا الظلام «اللعين» كل مدينة وقرية وأسرة قدر لها أن يكون مصدر كهربائها محطة مارب الغازية.
ولا أخفيكم أنه لمجرد ما يحل الظلام على بيتي المتواضع لا تتردد ابنتي الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الخمسة أعوام عن الإعلان عن الخبر العاجل الخاص بالكهرباء مقتنعة بأن سبب فصل التيار الكهربائي ناتج عن إسقاط خبطة حديدية على خطوط الكهرباء الغازية وتعرف أنه عمل إجرامي ولم ينقص الخبر الذي تعلنه لنا بطريقتها الخاصة إلا عدم ذكر المرتكب الفعلي لهذا الجرم الشنيع وهو ما لم يتم ذكره في أي خبر من الأخبار التي عادة ما تتناقلها وسائل الإعلام المحلية بهذا الخصوص.
لم يعد يريد المواطن من الآن وصاعدا سماع الأخبار التي تتحدث عن الخبطات الحديدية والاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها خطوط الكهرباء وذلك بسبب الكآبة والملل الذي أصابه لكثرة سماعه لهذه الأخبار فهو يريد بدلا عن سماع كل ثلاثة أخبار خبطات حديدية أن يسمع خبرا عبر وسائل الإعلام يتحدث عن ضبط فاعل حقيقي ارتكب جريمة اعتداء على الكهرباء وإحالته إلى المحاكمة العلنية لينال جزاءه الرادع.. فهل من مستجيب¿