9 نيسان مولد الإمارة الأمريكية في بغداد!



جمال محمد تقي
للامريكان في بغداد إمارة على شكل سفارة تتحصن بحصنها كل المقار ذات السيادة الافتراضية في المنطقة الخضراء ولتلك الامارة شبكة عنكبوتية تمتد من اربيل الى الكويت مرورا بالبصرة ولتلك الشبكة رادارات تؤمن منافذ النفوذ الامريكي في العراق جوا وبحرا وبرا!
قصر تلك الامارة هو احد القصور الرئاسية العراقية الذي منه وفيه تتبلور الاجندات الميدانية وتصدر منه فرمانات المندوب السامي المرمزة.
علام 9 نيسان الشاخص للعيان والذي لا يحتاج لبحث وتنقيب قبل وبعد انسحاب القوات الامريكية المحتلة من العراق هو ضخامة وحصانة مباني تلك الامارة التي يقيم فيها اكثر من 15 الف امريكي يضاف لهم من يلتحق بهم من المستخدمين العراقيين داخل وخارج المقار الرسمية التابعة لها.
من قصر تلك الامارة مارس بول بريمر حكمه المباشر للبلاد كحاكم مدني بامره وفيها عقد بريمر جلسات لمجلس حكمها غير الموقر ومن نفس مبانيها استمر القادة العسكريون الامريكان المقيمون في العراق بعد 9 نيسان 2003 ممارسة حكمهم غير المباشر وحتى الان تستمر من مبانيها ولاجل غير مسمى وصاية سفراء امريكا على مجرى الامور في البلاد على الرغم من انسحاب القوات الامريكية المقاتلة منها!
تمر هذه الايام الذكرى التاسعة على الاحتلال الامريكي للعراق هذا الاحتلال الذي مازالت روحه تتسيد على جسد السلطة في العراق والتي استخلفها لادارة شؤون البلاد من بعده نعم لقد انسحب الامريكان من العراق لكنهم تركوا ظلا لهم فيه يستكمل ما لم يسعفهم الوضع على استكماله.
لقد ترك الامريكان بصماتهم بكل زاوية من زوايا العراق الجديد من الدستور وشكل السلطة الى الاقتصاد والتجارة الى نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الى الجيش والامن والمخابرات حتى النظام النقدي والبنكي وفي هذه الاخيرة تحديدا لهم سلطة نافذة حتى بعد انسحاب قواتهم الكامل من العراق فمازالت عائدات النفط تمرعبر بنك التنمية الامريكي العراقي ومازلت للامريكان ولاية على اموال العراق بحكم وصاية البند السابع عليه فالسيادة العراقية ومن هذا الباب تحديدا هي ليست كاملة برغم كل ادعاءات المستخلفين على حكم العراق والوجه الاخر المكمل لباب الوصاية هذا هو سريان مفعول اتفاقية الاطار الاستراتيجي طويلة الامد بين العراق وامريكا والتي تشمل كافة المجالات الثقيلة والخفيفة والخشنة والناعمة اي في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتعليمية والصحية والسياحية والثقافية!
بعد 9 نيسان 2003 تعهد الامريكان والجماعات العراقية المتعاونة معهم باعادة اعمار العراق ليمتصوا بذلك نقمة العراقيين على ما صنعوه من خراب ودمار نتيجة الحرب الغاشمة والتي شنوها بالاسلحة غير التقليدية والتي لا تميز بين هدف عسكري ومدني حيث راح ضحيتها اعمدة الهياكل الارتكازية للبنى التحتية من طرق وجسور ومؤسسات وشبكات ومحطات الكهرباء والماء ومجاري الصرف الصحي والمستشفيات والمدارس وحتى المواقع الاثرية ناهيك عن المصانع والمعامل والمشاريع الزراعية بل وحتى الاحزمة الخضراء التي كانت تحيط بالمدن والتي تقيها من العواصف الترابية الى جانب ضحاياها البشرية والتي لا تقدر بثمن حيث قتل مئات الالاف من العسكريين والمدنيين ومن خيرة كوادر العراق وفي مختلف المجالات والذين تزايدت اعدادهم مع تواصل الاعمال القتالية في سنوات 2004 و2005 و2006 و2007 و2008 في مناطق الفلوجة وديالى والرمادي والموصل والبصرة والحلة والنجف ومنطقة ابوغريب ومدينة الصدر لتصل اعداد الضحايا ومن مختلف المستويات لقرابة المليون ضحية ومن دون حساب اعداد المعاقين والمتضررين والمهجرين والمفقودين وليس كما ادعى الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية والذي قال بان اعداد القتلى في العراق منذ غزوه وحتى الان لا تتجاوز ال 75 الف قتيل!
لقد كشفت العديد من المنظمات الدولية المحايدة والمتخصصة ارقاما مخيفة لاعداد الارامل والايتام والمعاقين والمهجرين في العراق وكلها لا تتسق مع ما تعلنه الحكومة العراقية من ارقام تحاول تسويقها للتغطية على الكلفة الحقيقية للاحتلال ففقط اعداد الارامل قد تجاوزت السبعة مليون اما الايتام فقد تجاوزت اعدادهم الاربعة ملايين واما المهجرين داخل وخارج العراق فان اعدادهم كانت قد تجاوزت الثلاثة ملايين وكانت منظمة الصحة العالمية قد اكدت بتقاريرها من ان 30 بالمئة من سكان العراق يعانون من سوء التغذية ومنظمة حقوق الانسان قد توصلت الى حقيقة مفادها بان اكثر من 60 بالمئة من العراقيين يقعون تحت مستوى خط الفقر.
لقد اثبتت الاعوام التسعة الماضية من عمر الاحتلال حقيقة ناصعة لا يغطيها اي دجل اوجدل مفادها بان الكذب وحده كان ومايزال هو القاسم المشترك الاعظم لكل الادعاءات والاطروحات والتبريرات والشعارات التي رفعتها الادارة الامريكية اثناء خوضها حرب غزو

قد يعجبك ايضا